Usul Fiqh
إجابة السائل شرح بغية الآمل (أصول فقه)
Editor
القاضي حسين بن أحمد السياغي - الدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل
Penerbit
مؤسسة الرسالة
Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Usul Fiqh
بلَاء من نفي حكمه الله ونفيها نفي الشَّرِيعَة من أَصْلهَا إِذا عرفت هَذَا فَاعْلَم أَنه لم يبْق بعد تقرر الشَّرِيعَة لمسألة الْخلاف فِي التحسين والتقبيح فَائِدَة إِذْ بعد حكم الشَّرْع لم يبْق لِلْعَقْلِ مجَال فِي إثْبَاته لشَيْء من الْأَحْكَام إِنَّمَا هَذِه الأبحاث فَرضِيَّة مَبْنِيَّة على انْفِرَاد الْعقل عَن الشَّرْع وَقد عرفناك أَنَّهَا لَا تَخْلُو أمة من شَرِيعَة ﴿وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير﴾ نعم تَخْلُو عَن معرفَة أَحْكَام شرعها كلهَا بإعراضها عَن التَّعَلُّم كَمَا وَقع فِي الْجَاهِلِيَّة الجهلاء وَكم ترى فِي كل مِلَّة حَتَّى مِلَّة الْإِسْلَام من إِعْرَاض كثير عَن تعلم أَحْكَام الْإِسْلَام فَلِذَا قدمنَا لَك أَن الْجَاهِلِيَّة مدحوا من اتّصف بالْحسنِ وذموا من اتّصف بالقبيح بعقولهم لغفلتهم عَن الشَّرَائِع إِلَّا أَنا لم نذْكر من حكم الْعقل إِلَّا مَا يَلِيق بِالْأَصْلِ من الِاخْتِصَار فَقُلْنَا ... إِذا دَلِيل الشَّرْع فِي الحكم انْتَفَى ... كَانَ دَلِيل الْعقل عَنهُ خلفا ...
قد عرفت أَنه بعد وُرُود الشَّرْع لم يبْق لِلْعَقْلِ إِلَّا تَحْسِين مَا حسنه وتقبيح مَا قبحه وَقد جَاءَ مقررا لما كَانَ يُدْرِكهُ الْعقل من الْحسن والقبيح وَصفَة الْكَمَال وَالنَّقْص وَزَاد بِأَنَّهُ الْعقَاب والإثابة ثمَّ فصل الشَّرْع الْأَحْكَام الْخَمْسَة فَكَانَت على مُقْتَضى الْعقل بعد إِقْرَاره بالشريعة فَإِنَّهُ عرفه بمصالح الْأَعْمَال ومفاسدها مِمَّا كَانَ جَاهِلا لَهَا فَعرفهُ أَن الْعقل إِذا اشْتَمَل على مفْسدَة فَإِن فعله حرَام أَو فِي تَركه مفْسدَة فَوَاجِب وَإِن لم يشْتَمل أحد طَرفَيْهِ فعلا أَو تركا على مفْسدَة فإمَّا أَن يشْتَمل على مصلحَة أَو لَا الثَّانِي الْمُبَاح وَالْأول إِمَّا أَن يعرفهُ فِي فعله مصلحَة وَلَيْسَ فِي تَركه مفْسدَة فَهُوَ الْمَنْدُوب أَو فِي تَركه مصلحَة وَلَيْسَ فِي فعله مفْسدَة فَهُوَ الْمَكْرُوه فالمباح بعد تَفْصِيل الشَّرْع الْأَحْكَام بَاقٍ عِنْد الْعقل على مَا كَانَ عَلَيْهِ من قبل وُرُوده لِأَن فَاعله لَا يدْرك الْعقل فِيهِ حسنا وَلَا كمالا إِن فعل وَلَا قبحا وَلَا نقصا إِن ترك كالتظلل تَحت الْأَشْجَار والتفرج على جري الْأَنْهَار لَا لزِيَادَة التَّوْحِيد وَالِاعْتِبَار فَهَذَا لَا يقْضِي فِيهِ الْعقل بِشَيْء كَمَا لَا يقْضِي فِيهِ الشَّرْع بِشَيْء وَبِهَذَا يعرف أَن الْمُبَاح لَيْسَ من قسم الْحسن وَلَا من صفة الْكَمَال وَلَا من قسم مَا يقابلهما فَإِذا فقد حكم الشَّرْع كَانَ حكم الْعقل تبعا لَهُ وخلفا عَنهُ فِي فقد الحكم أَي الاتصاف بِأحد الْأَمريْنِ وَإِلَّا
1 / 225