الله تعالى لا يظلم العباد. وعندما نقول إن الله تعالى لا يظلم نعني أنه لا يفعل الضرر بالغير، بالقيود المتقدم ذكرها في تعريف الظلم. هذه القيود هي :
أن لا يكون في هذا الضرر نفع أعظم منه.
أن لا يكون في هذا الضرر دفع ضرر أكبر.
أن لا يكون هذا الضرر واقعا على جهة الاستحقاق.
فكل ضرر نازل علينا من الله إما يكون لنفع أعظم منه، أو يكون لدفع ضرر أكبر، أو يكون عقوبة للمتضرر، استحقها بقبيح فعله.
ويجب أن نعتقد بذلك عقيدة راسخة لا تتزلزل؛ وهذا هو الرضا بالقضاء والقدر الذي أمرنا به في الأحاديث المتعددة. فنحن نرضى بما قدر الله علينا من ضعف، ومن عجز، ومن مرض، ومن آفات، ومن نقص، ومن موت؛ حتى وإن كنا لا نحبها، حتى وإن كنا نرغب زوالها. نحن نرضى بها لأنها أفعاله تعالى فينا، ولأن فيها صلاحا لنا. وليس القضاء والقدر كما يظن كثير من العامة خلق المعاصي.
وفيما يلي تعيين لبعض الأفعال التي نقطع أنه تعالى لم ولن يفعلها، لأنها إن وقعت فستكون ظلما. واخترت الأفعال التي لها علاقة مباشرة بسلوكنا اليومي.
تكليف ما لا يطاق.
من الظلم التي ننفي وقوعه من الله تعالى هي أنه تعالى يكلف ما لا يطاق. فإنه من الظلم أن يكلف الله العباد بأمور فوق طاقتهم، وفوق ما آتاهم من قدرة، ثم يعاقبهم عليها إن أخلوا بها. لأن العقاب الذي يأتيهم من جراء هذا التقصير لا يستحقوه، إذ لا يستحق من أخل بالواجب عقابا إذا كان الواجب فوق قدرته. وقد قال الله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها } (الطلاق:7) وقال { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } (البقرة:286).
تعذيب من لا ذنب له.
أيضا مما ينفى عنه جل جلاله هو أنه يعذب من لا ذنب له، لأن من لا ذنب له لا يكون مستحقا للضرر النازل عليه.
وهنا لا بد لنا من التمييز بين تعذيب الله تعالى للعبد، وبين إنزال الضرر عليه.
Halaman 70