ثم إنه تعالى جعل بعض تلك الأسباب داخلة في مقدورنا، وبين لنا أنها أسباب للموت والحيوة. فجعل الله القصاص سببا للحياة { ولكم في القصاص حيوة } (البقرة: 179). وبينت الأحاديث أن بعض الطاعات تزيد في العمر، وبعض المعاصي تنقص في العمر. وجعل الله حياة الإنسان معلقة بسلامة بعض أعضاء الجسد الرئيسية، كما جعل تلف تلك الأعضاء سببا للموت. ويمكن لنا أن نصنف ما نعرفه من أسباب للأجل ضمن القسمين التاليين:
الطاعات أو المعاصي.
سلامة البدن من الأمراض والمتلفات.
فإذا عمل الإنسان أحد الطاعات المطيلة لعمره فإن عمره سيطول حتما، وإذا عمل من المعاصي المقصرة لعمره فإن عمره سيقصر حتما.
وكذلك لو أهمل الانسان جسده حتى أصابته البلايا، والأمراض فمات بسببها فهو المسؤول. ومثله لو تعدى أحد على أحد فأتلف جسمه، بأن أتلف قلبه، أو دماغه، أو نحو ذلك فإن ذلك الانسان سيموت، وسبب موته هو فعل ذلك المتعدي.
ففي هذه الدائرتان لنا تصرف في أعمارنا، ولكن هناك أسباب لا نعلمها وليست ضمن مقدورنا. ولذلك فقد نجد شخصا يصاب بدنه بما يموت معه المرء عادة، ولكن مع ذلك يعيش، فذلك لأن تمام أسباب الموت ليست راجعة لنا.
ولا نشك في أن الله تعالى عالم بما سنعمله من قبل أن يخلقنا، وعالم بما سنختار من أسباب، وعالم بالأجل الذي سنموت عنده. وأرجو من الله أن ييسر لي التفصيل في الآيات الكريمة المتعقلة بالأجل في قسم الآيات المتشابهة
والحمد لله.
Halaman 114