بما يقوم به التعارض من الطرفين ثم ينقسم إلى أحدهما شيء لا يقوم به التعارض ولا يقوم به الوزن لولا الأصل فسمى ذلك رجحانا كالدانق ونحوه في العشرة فأما الستة والسبعة إذا ضم إلى احدى العشرتين فلا إلا يرى أن ضد الترجيح التطفيف و ذلك بنقصان في الوزن والكيل بوصف لا يقوم به التعارض ولا ينفي اصل التعارض وذلك معنى الترجيح شرعا إلا يرى انا جوزنا فضلا في الوزن في قضاء الديون قال النبي عليه السلام للوزان زن وارجح ولم يجعله هبة فان كان ذلك اكثر مما يقع به الترجيح وكان من قبيل ما يقع التعارض بصفة التطفيف صار هبة وكان باطلا ولهذا قلنا أن الترجيح لا يقع بما يصلح أن يكون علة بانفراده كرجل قام شاهدين على عين و اقام اخر اربعة لم يترجح لان ذلك علة و انما يقع بوصف لا يصلح لا ثبات الحكم بانفراده انضم إلى مثلها فلم يصلح وصفا وانما يقع الترجيح بوصف مؤكد لمعنى الركن ولذلك لم يقع الترجيح بشاهد ثالث على الشاهدين لانه لا يزيد الحجة قوة ولا الصدق توكيدا و لهذا قالوا ان القياس لا يترجح بقياس آخر ولا الحديث بحديث آخر و القياس بالنص ولا نص الكتاب بنص آخر انما يترجح النص بقوة فيه على ما مر ذكره حتى صار الحديث المشهور اولى من الغريب لان الشهرة توجب قوة في اتصاله بالرسول عليه السلام وكذلك إذا جرح رجل رجلا جراحة وجرحه أخر جراحات فمات منها و ذلك خطاءان الدية تجب نصفين ولا يترجح صاحب الجراحات حتى يجعل وحده قاتلالان كل جراحة تصلح علة معارضة فلم تصلح و صفا يقع به الترجيح و كذلك قلنا نحن في الشفيعين في الشقص الشايع المبيع بسهمين متفاوتين انهما سواء في استحقاقه لان كل جزء من اجزاء السهم علة صالحة الاستحقاق الجملة فقامت المعارضة بكل جزء وان قل فلم يصلح شيء منه وصفا لغيره فقد وافقنا الشافعي على هذا لانه لم يرجح صاحب الكثير ايضا لكنه جعل الشفعة من مرافق الملك كالثمر والولد فجعله منقسا على قدر الملك وكان هذا منه غلطا بان جعل حكم العلة متولدا من العلة ومنقسما على اجزائها واجمع الفقهاء في ابني عم أحدهما زوج المرأة أن التغصيب لا يترجح بالزوجية بل يعتبر كل واحد علة بانفراده وقال عامة الصحابة رضي الله عنهم في ابني عم أحدهما أخ لأم أن السدس له بالأخوة والباقي بينهما بالتعصيب خلافا لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه ولم يجعلوا الأخوة مرجحة لما كانت علة بانفرادها لا يصلح وصفا لأنها أقرب من العمومة بخلاف الأخوة لأم فإنها جعلت وصفا للأخوة لأب لأن هذه الجهة تابعة والمنزل واحد وإنما يجب طلب الرجحان من الأوصاف مثل العدالة في الشاهد وما يجري مجراها وأما القسم الثاني فعلى أربعة أوجه الترجيح بقوة الأثر والترجيح بقوة ثباته على الحكم المشهود به والترجيح بكثرة أصوله والترجيح بالعدم عند عدمه أما الأول فلأن الأثر معنى الحجة فمهما قوى كان أولى لفضل وصف في الحجة على مثال الاستحسان في معارضة القياس وهو كالخبر لما صار حجة بالاتصال ازداد قوة بما يزيده قوة في ذلك المعنى بضبط الراوى وإتقانه وسلامته عن الانقطاع على ما مر ذكره وليس كذلك فضل عدالة بعض الشهود على عدالة بعض لأنه ليس بذي حد ولا متنوع بل هو التقوى ولا وقوف على حدوده مثاله ما قلنا في طول الحرة أنه لا يمنع الحر من نكاح الأمة وقال الشافعي رحمه الله يمنع لأنه يرق ماءه على غنية وذلك حرام على كل حر كالذي تحته حرة وهذا وصف بين الأثر وقلنا أنه جائز لأنه نكاح بملكه العبد بإذن مولاه إذا دفع إليه مهرا يصلح للحرة والأمة جميعا وقال تزوج من شئت فيملكه الحر كسائر الأنكحة وهذا أقوى الأثر لأن الحرية من صفات الكمال وأسباب الكرامة والرق من أسباب تنصيف الحل فيجب أن يكون الرقيق في النصف مثل الحر في الكل فأما أن يزداد أثر الرق ويتسع حله فلا وهذا أثر ظهرت قوته ويزداد وضوحا بالتأمل في أحوال البشر ألا يرى أنه حل لرسول الله عليه السلام التسع أو إلى ما لا يتناهى لفضله وشرفه فأما ما ذكر من الأثر فضعيف بحقيقته لأن الأرقاق دون التضييع وذلك جائز بالعزل باذن الحرة فالا رقاق اولى و ضعيف باحواله فان نكاح الأمة جائز لمن يملك سرية يستغنى بها عنه ومن ذلك قولهم في نكاح الأمة الكتابية أنه لا يجوز للمسلم لأن الرق من الموانع وكذلك الكفر فإذا اجتمعا الحق بالكفر الغليط ولأن الضرورة انقضت بإحلال الأمة المسلمة
Halaman 292