بأسباب قصها ودعانا إلى التأمل ثم الاعتبار وبيان ذلك في الأصل في قول الله تعالى
﴿هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر﴾
فالاخراج من الديار عقوبة بمعنى القتل والكفر يصلح داعيا اليه وأول الحشر دلالة على تكرار هذه العقوبة وقوله تعالى
﴿ما ظننتم أن يخرجوا﴾
دليل على أن اصابة النصرة جزاء التوكل وقطع الحيل وان المقت والخذلان جزاء النظر إلى القوة والاغترار بالشوكة إلى ما لا يحصى من معاني النص ثم دعانا إلى الاعتبار بالتأمل في معاني النص للعمل به فيما لا نص فيه وكذلك في مسألتنا هذه ومثال ذلك في مسألة الربا وذلك أن النبي عليه السلام قال الحنطة بالحنطة أي بيعوا الحنطة بالحنطة بالحنطة لان الباء كلمة الصاق فدال على اضمار فعل مثل قولك بسم الله فدل عليه قوله لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء ودل عليه حديث عبادة بن الصامت أن النبي عليه السلام قال لا تبيعوا الذهب بالذهب والورق بالورق إلا سواء بسواء والحنطة بالحنطة الاسواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو استزاد فقد اربى والحنطة اسم علم لميكل معلوم وقد قوبل بجنسه وقوله مثلا بمثل حال لما سبق والاحوال شروط أي بيعوا بهذا الوصف والأمر للايجاب يكون والبيع مباح فلا بد من صرف الأمر إلى الحال التي هي شرط والمراد بالمثل القدر لما روي في حديث اخر كيل بكيل فثبت بصيغة الكلام و قوله والفضل اسم لكل زيادة وقوله ربا اسم لزيادة هي حرام وهو فضل مال لا يقابله عوض في معاوضة مال بمال والمراد بالفضل الفضل على القدر لان الفضل لا يتصور إلا بناء على المماثلة ليكون فضلا عليها والمراد بالمماثلة القدر بالنص فكذلك الفضل عليها لا محالة وصار حكم النص وجوب التسوية بينهما في القدر ثم الحرمة بناء على فوات حكم الأمر هذا حكم هذا النص عرفناه بالتأمل في صيغة النص فوجب علينا التأمل فيما هو داع إلى هذا الحكم مما هو ثابت بهذا النصل وهو ايجاب المماثلة عند البيع بجنسها وإذا تأملنا وجدنا الداعي إلى هذا القدر والجنس لان ايجاب التسوية بين هذه الاموال يقتضي أن تكون امثالا متساوية و لن تكون امثالا متساوية إلا بالجنس والقدر لان كل موجود من المحدث موجود بصورته و معناه فإنما يقوم المماثلة بهما فالقدر عبارة عن امتلاء المعيار بمنزلة الطول والعرض فصار به يحصل المماثلة صورة والجنس عبارة عن مشاكلة المعاني فيثبت به المماثلة معنى وسقطت
Halaman 252