به عن فعل مباح قصده فزل بشغلة عنه إلى ما هو حرام لم يقصده أصلا بخلاف المعصية فإنها اسم لفعل حرام مقصود بعينه واختلفوا في سائر افعال النبي صلى الله عليه وسلم مما ليس بسهو ولا طبع لان البشر لا يخلو عما جبل عليه فقال بعضهم يجب الوقف فيها وقال بعضهم بل يلزمنا اتباع فيها وقال الكرخي نعتقد فيها الاباحة فلا يثبت الفضل إلا بدليل ولا يثبت المتابعة منا اياه فيها لا بدليل وقال الجصاص مثل قول الكرخي إلا انه قال علينا اتباعه لا نترك ذلك إلا بدليل وهذا اصح عندنا إما الواقفون فقد قالوا أن صفة الفعل إذا كانت مشكلة امتنع الاقتداء لان الاقتداء في المتابعة في اصله ووصفه فإذا خالفه في الوصف لم يكن مقتديا فوجب الوقف إلى أن يظهر إما الاخرون فقد احتجوا بالنص الموجب لطاعة الرسول عليه السلام قال الله تعالى
﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره﴾
والنصوص في ذلك كثيرة واما الكرخي فقد زعم أن الاباحة من هذه الأقسام هي ثابته بيقين فلم يجز إثبات غيره إلا بدليل ووجب إثبات اليقين كمن وكل رجلا بماله يثبت الحفظ به لانه يقين وقد وجدنا اختصاص لرسول ببعض ما فعله ووجدنا الاشتراك أيضا فوجب الوقف فيه أيضا ووجه القول الآخر أن الاتباع اصل لانه امام يقتدي به كما قال تعالى لابراهيم
﴿إني جاعلك للناس إماما﴾
فوجب التمسك بالاصل حتى يقوم الدليل على غيره هذا الذي ذكرنا تقسيم السنن في حقنا وهذا & باب تقسيم السنة في حق النبي صلى الله عليه وسلم
ولولا جهل بعض الناس والطعن بالباطل في هذا الباب لكان الأولى منا الكف عن تقسيمه فانه هو المتفرد بالكمال الذي لا يحيط به إلا الله تعالى والوحي نوعان ظاهر وباطن إما الظاهر فثلاثة اقسام ما ثبت بلسان الملك فوقع في سمعه بعد علم بالمبلغ بآية قاطعة وهو الذي انزل عليه بلسان الروح الامين عليه السلام والثاني ما ثبت عنده ووضح له باشارة الملك من غير بيان بالكلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أن روح القدس نفث في روعى أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها إلا فاتقوا الله واجملوا في الطلب والثالث ما تبدي لقلبه بلا شبهة ولا مزاحم ولا معارض بالهام من الله تعالى بان أراه بنور عنده كما قال جلو علا
﴿لتحكم بين الناس بما أراك﴾
Halaman 228