بطلت بإنكارهم والحجة للقول الثاني ما روى عن عمار بن ياسر أنه قال لعمر أما تذكر حيث كنا في أبل فاجنبت فتمعكت في التراب فذكرت ذلك لرسول الله عليه السلام فقال إنما كان يكفيك ضربتان فلم يذكره عمر فلم يقبل خبره مع عدالته وفضله ولا ناقد بينا أن خبر الواحد يرد بتكذيب العادة فتكذيب الراوى وعليه مداره أولى وحديث ذي اليدين ليس بحجة لأن النبي عليه السلام ذكره فعمل بذكره وعلمه وهو الظاهر من حاله فما كان تقر على الخطاء والحاكي يحتمل النسيان بان سمع غيره فنسيه وهما في الاحتمال على السواء ومثال ذلك حديث ربيعة عن سهيل بن أبي صالح في الشاهدين واليمين أن سهيلا سئل عن رواية ربيعة عنه فلم يعرفه وكان يقول حدثني ربيعة عنى ومثل حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه السلام أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها نكاحها باطل رواه سليمان بن موسى عن الزهري وسأل ابن جريج عن الزهري عن هذا الحديث فلم يعرفه فلم يقم به الحجة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ومثال ذلك أن أبا يوسف أنكر مسائل على محمد حكاها عنه في الجامع الصغير فلم يقبل شهادته على نفسه حين لم يذكر وصحح ذلك محمد واما إذا عمل بخلافه فان كان قبل روايته وقبل أن يبلغه لم يكن جرحا لان الظاهر أنه تركه بالحديث إحسانا للظن به واما إذا عمل بخلافه بعده مما هو خلاف بيقين فإن ذلك جرح فيه لأن ذلك إن كان حقا فقد بطل الاحتجاج به وإن كان خلافه باطلا فقد سقط به روايته إلا أن يعمل ببعض ما يحتمله الحديث على ما نبين إن شاء الله تعالى وإذا لم يعرف تاريخه لم يسقط الاحتجاج به لأنه حجة في الأصل فلا يسقط بالشبهة وذلك مثل حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه السلام قال أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فهو باطل ثم إنها زوجت بنت عبد الرحمن وهو غائب وكان ذلك بعد الرواية فلم يبق حجة ومثل حديث ابن عمر في رفع اليدين في الركوع سقط برواية مجاهد أنه قال صحبت ابن عمر سنين فلم أره يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح واما عمل الراوي ببعض محتملاته فرد لسائر الوجوه لكنه لم يثبت الجرح بهذا لأن احتمال الكلام لغة لا يبطل بتأويله وذلك مثل حديث ابن عمر المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا وحمله على افتراق الأبدان والحديث محتمل افتراق الأقوال وهو معنى المشترك لأنهما معنيان مختلفان والاشتراك لغة لا يسقط بتأويله ومن ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه من بدل دينه فاقتلوه وقال ابن عباس رضي الله عنه لا تقتل المرتدة فقال الشافعي رحمه الله لا يترك عموم الحديث بقوله وتخصيصه والامتناع عن العمل به مثل العمل بخلافه لأن الامتناع حرام مثل
Halaman 193