ولدينا في المدرسة على هذا أمثلة كثيرة، فإذا ذهب الطفل لها أول مرة كان توجهه إلى الجد ضئيلا، وكان الجهد شاقا، ولكنه بالحث يجتهد فإذا تكرر الجهد ازدادت حركته قوة حتى يصبح توجهه ميلا ثابتا دائما. وكذلك الأمر في الطاعة والصدق والإحسان أو التراخي في العمل وإيثار الذات وغير ذلك؛ فإنها بالتكرار تصبح اعتيادية وتستقر في النفس.
وللاعتياد قانون يسمى قانون العادة، ومنطوقه أن كل فعل يترك وراءه ميلا إلى فعله ثانيا.
وفي العادات أقوال مأثورة وأمثال مذكورة، منها: «العادة طبيعة ثانية»، ومنها: المزاولة تهدي إلى الكمال، ولا شيء أصدق من ذلك؛ فإن قوة الاعتياد لا تقاس؛ إذ الأفعال التي تكون في أول أمرها ممقوتة تنقلب بالاعتياد مقبولة، وكذلك يصبح العمل هينا والمخاطر مألوفة. وعليه: فالعادات هي ميول إلى الفعل على خطط معينة من غير اضطرار إلى تخطيطها من جديد؛ إذ تصبح هذه العادات آلية. فلولا العادات للازمنا التردد ولانصرفنا عن العمل انصرافا كليا.
لأن تقدم القول بأن الأخلاق تتكون من تكون العادات.
أولا:
الأفعال التي يغلب تكرارها تصبح عادات.
ثانيا:
حاصل كثير من العادات يسمى سلوكا.
ثالثا :
ميل الإنسان إلى نوع بعينه من أنواع السلوك يسمى خلقا. وأرقى خلق أدبي هو ذلك الذي يكون فيه صفة «الخيرية الدائمة» عادة ولا يخفى أن جل العادات ينشأ في الطفولة فإذا لم تكن نشأتها بعناية الوالدين والمعلمين وهديهم كانت تلك العادات شرورا ومساوئ وتمثلت في النفس قبائح الخلال. فإذا استقرت فيها استعصى على الطبيب استئصالها. فيجب - والحالة هذه - أن يبدأ بتكوين العادات الصالحة في حداثة السن فما نحن إلا بما اعتدنا، ومن شب على شيء شاب عليه. أما من كان ضعيفا مستهينا من الآباء أو المعلمين فلن يستطيع تربية الأطفال على عادات صحيحة ثابتة. (1) ملاحظات على العادات الصحيحة
Halaman tidak diketahui