290

Asas Sarakhsi

أصول السرخسي

Editor

أبو الوفا الأفغاني

Penerbit

لجنة إحياء المعارف النعمانية

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

حيدر آباد

Genre-genre

Usul Fiqh
فِي الْآيَتَيْنِ من كتاب الله تَعَالَى ﴿شَهِيدا﴾ وَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَيَوْم نبعث من كل أمة شَهِيدا﴾ الْآيَة فَتبين أَن المُرَاد بِمَا تلونا الشَّهَادَة بِحُقُوق الله تَعَالَى على النَّاس فِي الدُّنْيَا
وَلَا يُقَال كَمَا وصف الله هَذِه الْأمة بِأَنَّهُم شُهَدَاء فقد وصف بِهِ أهل الْكتاب قَالَ تَعَالَى ﴿يَا أهل الْكتاب لم تصدُّونَ عَن سَبِيل الله من آمن تَبْغُونَهَا عوجا وَأَنْتُم شُهَدَاء﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿بِمَا استحفظوا من كتاب الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء﴾ ثمَّ لم يدل ذَلِك على أَن إِجْمَاعهم مُوجب للْعلم وَهَذَا لِأَن الله تَعَالَى إِنَّمَا جعلهم شُهَدَاء بِمَا أَخذ الْمِيثَاق بِهِ عَلَيْهِم وَهُوَ بَيَان نعت رَسُول الله ﷺ من كِتَابهمْ للنَّاس كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه﴾ الْآيَة وَلَو بينوا كَانَ بيانهم حجَّة إِلَّا أَنهم لما تعنتوا وَاشْتَغلُوا بِالْحَسَدِ وَطلب الرياسة كفرُوا بذلك وَإِنَّمَا سماهم أهل الْكتاب بِاعْتِبَار مَا كَانُوا عَلَيْهِ من قبل وَلذَلِك جعلهم شُهَدَاء على حفظ الْكتاب فَمَا لم يبدلوا كَانَ قَوْلهم حجَّة وَلَكنهُمْ حرفوا وغيروا ذَلِك فَلهَذَا لَا يكون قَوْلهم حجَّة فَأَما هُنَا فقد جعل الله هَذِه الْأمة شُهَدَاء على النَّاس فَعرفنَا أَن قَوْلهم حجَّة فِي إِلْزَام حُقُوق الله على النَّاس إِلَى قيام السَّاعَة
وَلَا يُقَال فقد ثَبت حق الله بِمَا لَا يُوجب الْعلم قطعا نَحْو خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس وَهَذَا لِأَن خبر الْوَاحِد حجَّة بِاعْتِبَار أَنه كَلَام رَسُول الله ﷺ وَقَوله حجَّة مُوجبَة للْعلم قطعا وَلَكِن امْتنع ثُبُوت الْعلم بِهِ لشُبْهَة فِي النَّقْل وَاحْتمل ذَلِك لضَرُورَة فَقدنَا رَسُول الله ﷺ وَالْقِيَاس لَا يكون حجَّة لإِثْبَات الحكم ابْتِدَاء بل بتعدية الحكم الثَّابِت بِالنَّصِّ إِلَى مَحل لَا نَص فِيهِ وَاحْتمل ذَلِك لضَرُورَة حاجتنا إِلَى ذَلِك فَأَما هُنَا فقد جعل الله تَعَالَى الْأمة شُهَدَاء على النَّاس مُطلقًا وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا إِذا كَانَ الْحق مُطلقًا فِيمَا يشْهدُونَ بِهِ
فَإِن قيل وصف الله تَعَالَى إيَّاهُم بِهَذَا لَا يكون دَلِيلا على أَنه لَا يتَوَهَّم اجْتِمَاعهم على مَا هُوَ ضَلَالَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون﴾ فَفِيهِ بَيَان أَنه خلقهمْ لِلْعِبَادَةِ ثمَّ لَا يمْنَع ذَلِك توهم اجْتِمَاعهم على ترك الْعِبَادَة
قُلْنَا اللَّام الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى ﴿ليكونوا﴾

1 / 298