69

Urjanun Jadid

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

Genre-genre

constitutive ،

32

التي أسميها أيضا «شرذمية»

manipular ، وهي تلك التي تشكل نوعا مفيدا من الطبيعة محل الدراسة، نوعا من «الصورة الصغرى»، فحيث إن الصور الأصيلة (التي هي دائما قابلة للتحول مع الطبائع محل البحث) عميقة وغير دانية وغير سهلة الاكتشاف، زد على ذلك وهن الذهن الإنساني، فإن الصور المعينة التي تجمع معا مجموعات معينة من الشواهد (وإن لم تكن كلها) في فكرة عامة ما، ينبغي ألا تغفل بل تلاحظ بدأب، فأيما شيء يوحد الطبيعة - وإن على نحو غير كامل - يمهد الطريق إلى اكتشاف الصور؛ لذا فإن الشواهد التي تفيدنا في هذا الصدد هي شواهد لا يمكن الاستهانة بقوتها، وشواهد على شيء من الامتياز.

غير أن على المرء أن يتخذ أقصى ضروب الحيطة هنا؛ حتى لا يستنيم الذهن - بعد أن يعثر على قليل من هذه الصور المعينة، ويؤسس أقساما أو أفرعا للطبيعة المعنية - ويقنع بها بدلا من أن يتقدم إلى الاكتشاف الحقيقي ل «الصورة» العظيمة، ويسلم بأن الطبيعة جذريا متعددة ومتشعبة، ويزدري ويرفض أي مزيد من الوحدة في الطبيعة كترف زائد وميل إلى التجريد المحض.

افترض - على سبيل المثال - أن الطبيعة محل البحث هي الذاكرة، أو ذلك الذي يحفز الذاكرة ويساعدها، فال «الشواهد المقومة» هي النظام أو الترتيب الذي من الواضح أنه يساعد الذاكرة، وأيضا «المواضع» (الأماكن) في الذاكرة الاصطناعية، التي قد تكون أماكن بالمعنى الحرفي للكلمة كالباب والزاوية والشرفة وما شابه، أو أشخاصا معروفين ومألوفين، أو أي شيء على الإطلاق (شريطة أن يوضعوا في نظام معين) كالحيوانات والنباتات والكلمات أيضا والأحرف والشخصيات والأشخاص التاريخيين ... إلخ، وإن كان بعض هذه أكثر ملاءمة من بعض. مثل هذه المواضع المصطنعة تساعد الذاكرة على نحو مدهش وتعلو بها كثيرا فوق قدراتها الطبيعية، وكذلك الشعر يسهل حفظه وتذكره أكثر من النثر، من هذه المجموعة من الشواهد الثلاثة - الترتيب والمواضع الاصطناعية والشعر - يتألف نوع من العون للذاكرة،

33

يمكن أن نسمي هذا النوع من العون «تحديد غير المحدود»، فعندما يحاول المرء أن يتذكر شيئا ما أو يستحضره في الذهن، فمن المؤكد أنه إذا لم تكن لديه فكرة مسبقة أو تصور عما يبحث عنه فإنه سيظل يفتش ويجهد ويتخبط هنا وهناك وكأنه متورط في اللانهاية، أما إذا كانت لديه فكرة محددة فسرعان ما تختصر اللانهاية ويبقى مجال الذاكرة ضمن حدود. ثمة فكرة واضحة ومحددة في الشواهد الثلاث المذكورة: في الأول يجب أن يكون ثمة شيء ما يتفق مع الترتيب، وفي الثاني يجب أن يكون ثمة شكل يحمل علاقة ما أو اتفاقا مع المواضع المحددة، وفي الثالث يجب أن تكون هناك ألفاظ لها إيقاع الشعر، هكذا يتحدد اللامحدود، وهناك شواهد أخرى ستقدم لنا نوعا آخر: أيما شيء يجعل الفكرة الذهنية تصدم الحواس فهو يساعد الذاكرة (وهذه هي الطريقة الغالبة في الذاكرة الصطناعية)، وشواهد أخرى ستنتج لنا نوعا آخر، فالذاكرة يعينها أي شيء يترك انطباعه بواسطة انفعال قوي، فيبث الخوف مثلا أو الإعجاب أو الخجل أو البهجة، وشواهد أخرى ستقدم لنا نوعا رابعا، فالأشياء التي تنطبق على العقل وهو صاف وغير مشغول بأي شيء قبله ولا بعده - مثل ما نتعلمه في الطفولة أو ما نفكر فيه قبل ذهابنا إلى النوم، أو الخبرة الأولى بأي شيء - تظل عالقة بالذاكرة زمنا أطول، وشواهد أخرى تقدم النوع التالي، فهناك تشكيلة كبيرة من الظروف أو الوسائل تساعد الذاكرة، مثل تقطيع النص إلى أقسام، أو القراءة أو التلاوة الجهرية، وشواهد بعد ستقدم لنا نوعا أخيرا، فالأشياء المستبقة والمثيرة للانتباه تعلق بالذاكرة أكثر مما تعلق الأشياء التي تمر مرورا عابرا، فأنت إذا أعدت قراءة أي شيء عشرين مرة فلن تحفظها عن ظهر قلب بالسرعة التي تحفظها بها إذ تقرؤها عشر مرات محاولا تلاوتها غيبيا من وقت لآخر وأن تعود إلى النص عندما تفشل ذاكرتك، هكذا يستوي لنا نحو ست «صور صغرى» لأشياء تعين الذاكرة، وهي: (1) تحديد غير المحدود. (2) رد الفكري إلى الحسي. (3) الطبع على انفعال قوي. (4) الطبع على عقل صاف. (5) تنوع كبير للأدوات. (6) الاستباق.

ومثال آخر مماثل: افترض أن الطبيعة محل البحث هي الذوق، فالشواهد التالية شواهد مقومة: (1)

الأشخاص الذين لا يمكنهم الشم ومحرومون بطبيعتهم من هذه الحاسة يعجزون عن ملاحظة أو تمييز الطعام الفاسد أو العفن بالذوق ، أو من الجهة الأخرى الطعام المطبوخ بالثوم أو ماء الورد أو ما إلى ذلك. (2)

Halaman tidak diketahui