67

Urjanun Jadid

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

Genre-genre

ولكن ينبغي في نفس الوقت أن نقدم مثالا على الخطر والتحذير الذي ألمعت إليه، لا شك أن العقل الذي أضله ذلك الصنف من العلة الفاعلة سوف يقع له على الفور أن الهواء ضروري دائما لصورة البياض، أو أن البياض لا ينتج إلا بواسطة الأجسام الشفافة، وهما افتراضان زائفان تماما، وثبت زيفهما باستبعادات كثيرة. الحق أنه سيظهر بالأحرى (بغض النظر عن الهواء وما شابهه) أن الأجسام المتساوية كليا في جزيئاتها التي تؤثر على البصر هي أجسام شفافة، والأجسام غير المتساوية وذات نسيج بسيط هي أجسام بيضاء، والأجسام غير المتساوية وذات البنية المركبة - ولكنها متجانسة - هي أجسام ملونة غير سوداء، والأجسام غير المتساوية وذات البنية المركبة المضطربة وغير المتجانسة على الإطلاق هي أجسام سوداء، هذا إذن مثال ل «شاهد انتقال» تجاه الوجود في الطبيعة المطلوبة للبياض، أما «شاهد الانتقال» تجاه عدم الوجود في طبيعة البياض نفسها فهو انحلال الزبد (الرغوة) وذوبان الثلج، فهما يفقدان بياضهما ويكتسبان شفافية الماء في حالته الصافية بدون هواء.

ولا يفوتنا بحال أن نذكر أن علينا أن ندرج تحت شواهد الانتقال لا الشواهد المتجهة إلى الوجود وإلى عدم الوجود فحسب، بل أيضا تلك الشواهد المتجهة إلى الزيادة أو النقصان؛ لأنها أيضا تساعد في كشف الصورة، كما هو واضح من تعريفنا للصورة ومن قائمة الدرجات، ومن ثم فإن الورق - الذي هو أبيض عندما يكون جافا - يقل بياضه عندما يبتل (من جراء استبعاد الهواء وإدخال الماء) ويميل أكثر إلى الشفافية، والتفسير مماثل للتفسير في الأمثلة السالفة. ••• (24) وبين شواهد الامتياز سأضع في المرتبة الثالثة «الشواهد الكاشفة»

revealing instances

30

التي أشرت إليها في «القطف الأول» عن الحرارة، وأسميها أيضا «الشواهد الجلية أو المتحررة أو السائدة»، وهي شواهد تكشف الطبيعة محل البحث عارية ومستقلة، وفي أوجها أيضا وفي درجتها العليا من القوة، أي المتحررة والمنعتقة من العواتق، أو على الأقل السائدة عليها والقامعة والمقيدة لها بقوة خواصها، ولأن كل جسم ينطوي على ضروب كثيرة من الطبائع متحدة معا في حالة عينية، فإنها كثيرا ما يمحق بعضها بعضا ويقمعه ويكسره ويقيده وتحتجب الصور المفردة، إلا أننا نجد بعض الموضوعات تنفرد فيها الطبيعة محل البحث عن غيرها في عنفوان، إما لغياب العوائق أو لأن صفتها سائدة، مثل هذه الشواهد كاشفة للصورة على نحو لافت، ولكن حتى في هذه الشواهد يجب الحذر، ويجب أن نكبح تسرع الذهن. يجب أن نشك في أي شيء يقحم علينا صورة ما ويقذفها في ذهننا، وعلينا إذاك أن نعتصم ب «استبعاد»

exclusion

صارم ودقيق.

افترض مثلا أن الطبيعة هي الحرارة، فالمثال الكاشف للحركة التمددية - التي (كما لاحظنا) تؤلف الجزء الرئيسي لصورة الحرارة - هو الترمومتر، فرغم أن اللهب يظهر تمددا بشكل واضح، فهو لا يكشف تقدم التمدد بسبب انطفائه الفوري، والماء الغالي أيضا لا يكشف تمدد الماء جيدا في شكله نفسه بسبب تحوله السريع إلى بخار وهواء، والحديد المحمى وما شابهه هو أبعد ما يكون عن كشف تقدم، وعلى العكس فإن روحه مكبوتة ومضعضعة بواسطة جزيئاته الكثيفة والمدمجة (التي تروض التمدد وتكبحه)، فتمنع التمدد الحقيقي من أن يكون واضحا تماما للحواس، أما الترمومتر فيكشف التمدد في الهواء بوضوح كشيء جلي ومتقدم ودائم لا مؤقت.

خذ مثالا آخر، ولتكن الطبيعة المطلوبة هي الثقل، ف «الشاهد الكاشف» للثقل هو الزئبق، فهو يفوق كل شيء في الثقل باستثناء الذهب، فهو أثقل قليلا من الزئبق، والزئبق شاهد أفضل من الذهب لكشف الثقل؛ لأن الذهب صلب ومدمج بسبب كثافته فيما يبدو، بينما الزئبق سائل ويعج بالروح، ومع ذلك يفوق الماس وزنا ويفوق المواد التي تعتبر شديدة الصلابة، وهذا يكشف أن صورة الثقل أو الوزن تعتمد ببساطة على كم المادة وليس على مبلغ اندماجها. ••• (25) وبين شواهد الامتياز أضع في المرتبة الرابعة «الشواهد المتوارية»

concealed instances ،

Halaman tidak diketahui