[مقدمة]
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما الحمد لله مولى الأنام. . . . . (١) والشكر والثناء، ومجلي النقم ومزيلها بالصبر والدعاء، الذي جعل النقم قصاصا وجزاء، ولم يجعل نقمة إلا بعد نعمة ذهل صاحبها عن أداء واجب الشكر، وغفل عن إقامة وظائف الحمد والذكر، فأسعد النعم طوالع، وأعذبها مشارع، وأكرمها مناقب، وأحمدها عواقب نعمة وقعت بعد محنة، وعطية حصلت بعد رزيّة، خلص صاحبها خلوص الإبريز، وصعد من مطرح الذّلّ إلى محطّ العزيز، وعرف وجوب شكر باريه، ولزم حمد خالقه ومنشيه، إذ الأثبت عقلا ودينا، والأوفر فضلا ويقينا من يتصدّى لما يولي الله من نعمه تصدّي الشاكر، ويتلقّى ما يبلى به من محنة تلقّي الصابر.
ولمّا امتحنت بالمحن، وصرفت إلى صروف الزمن، واعتقل مخدومي الذي رضعت من لبون نعمه، ونشأت في حمى إحسانه وكرمه، وأصبت بوفاة الوالد والأخ، وحصلت بعدهما وبعد ذهاب المال في كفّة الحدثان والفخّ.
بالمال طورا وبالأهلين آونة ... ما أضيع المرء بعد الأهل والمال
وتواترت عليّ محن تشيب الوليد، وتخلق ريعان كلّ جديد، أنفقت فيها شرخ الشباب، وسويداء القلب، وأفنيت معها ماء الحياة ولباب اللّب، فكان حالي كما قلت:
_________
(١) خرم أودى بكلمة.
1 / 29