123

Unnamed Book

دروس للشيخ صالح بن حميد

Genre-genre

واقع الشباب واللقاء معهم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا إنك أنت السميع العليم، اللهم إنا نسألك العلم النافع والعمل الصالح والإخلاص في القول والعمل، ونعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر:١٨]. أما بعد: أيها الإخوة في الله: أحييكم بتحية الإسلام؛ فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. أشكر الله ﷿ على ما منَّ به من هذا اللقاء الطيب المبارك في هذه البلدة الطيبة المباركة، حيث أزورها لأول مرة، وكم كنت متشوقًا لزيارتها واللقاء بأهلها، وبخاصة أهل العلم والفضل والناشئة والشبيبة الطيبة المباركة، وأعترف بأن التقصير هو مني، وإلا فإن الإخوة هنا كانوا يحسنون الظن، وثقتهم بمحدثكم كبيرة جدًا، فكانوا يصرون على الزيارة، وكنت أتمنع ليس لأني لا أرغب، ولكن لأني أخشى ألا أبلغ الثقة التي يولوني إياها حفظهم الله، منهم فضيلة الشيخ: عبد الرحمن بن غيث، والشيخ وجيد وغيرهم كانوا يلحون كثيرًا، ولا أكتمكم أن هذا كان من سنوات وليس من أشهر، وكنت عازمًا على الوفاء، ولكن تأتي عوارض وشواغل وارتباطات لا أستطيع أن أنفك عنها، وكان آخرها هو ما كان موعدًا محددًا قبل الحج أو قبيل فترة الحج، ولكن موسم الحج بضغطه وكثرة الحجاج كما هو معلوم، وحاجة المسجد الحرام ومكة كلها باعتبار كثرة الزوار والحجاج، ومعلوم أيضًا أن كثيرًا من الجهات الرسمية تساهم في هذا، وبخاصة في جوانب التوعية للحجاج، فمن هنا كان من الصعوبة تحقيق المطلب، فتأجل إلى أن أذن الله ﷾ بأن كتب هذا اللقاء في هذه الليلة المباركة. كما قلت لكم أيها الإخوة، إني أحب اللقاء بالإخوة وبخاصة بالشباب وبطلبة العلم، وقد قدر الله ﷿ لي لقاءات كثيرة في أماكن ومواطن متعددة وفي مناسبات كثيرة في داخل البلاد وخارجها، وأوضاع المسلمين تبشر بخير، وبخاصة الشباب المسلم، على الرغم مما نرى من قصور، ومما نرى من أخطاء نحب ألا نراها، ومخالفات نحب أن نرى زوالها، وهو كائن إن شاء الله بإذنه سبحانه بعد أن تتضافر الجهود، ويصدق العزم، ويتحقق الإخلاص بإذن الله ﷿. أحببت أن يكون هذا اللقاء مفتوحًا، وألا يكون ذا موضوع محدد، وبخاصة أن يكون في هذا المكان أو في مثل هذا المكان، ومن جملة اللوحات التي ترونها أمامكم أنها ترحب بأن هؤلاء الجالسين ومنهم محدثكم ليسوا ضيوفًا، وإنما هم أصحاب محل وأهل بيت، وهذا حق، ومن هنا أرجو أن يبتعد لقاؤنا عن الرسميات كثيرًا، وأن يكون الحديث واضحًا وصريحًا وجليًا في حدود ما نعيش من مشكلات وما نرجوه من آمال، ونرسمه لأنفسنا من أهداف على ضوء كتاب الله وسنة نبيه ﷺ. الحديث إلى الشباب واللقاء مع الشباب حديث ممتع وشيق ومهم وضروري، وبطبيعتي أو في نظرتي العامة أنني قد يغلب عليَّ تفاؤل كثير، وأحرص على أن أنظر إلى جوانب الخير الموجودة وأن أتلمسها وأن أجعل غيري يلمسها كذلك، على رغم ما نرى من نقص ومن أشياء لا بد من إصلاحها، ولكن حينما نكون صادقين بأن نقول للمحسن: أحسنت بجانب أن نقول للمسيء: أسأت، فإن هذا يكون فيه تعادل وتوازن، ويكون فيه نظرة أقرب إلى الوسط وإلى المنهج العدل. واقع الشباب -حينما نقارنه بسنوات ماضية قبل عشر سنوات أو أكثر- يبشر بخير كثير، فعمار المساجد من الشباب كثيرون: مصلون وأئمة وحفظة ورجال دعوة وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومهتمون بالكتاب الإسلامي وبالشريط الإسلامي وبالتوجيه الأسري وبالتوجيه الاجتماعي، وهذه أمور حق يجب أن نعترف بها، وحتى في أوساط المنتسبين إلى مثل هذا النادي الرياضي، على الرغم من أنني لست مهتمًا بشئون الرياضة كاهتمام أصحابها وأهلها، فأنا لا أعرف كثيرًا من المنتسبين إليها والممارسين لها حقيقة، ولكن يحدثني بعض المحدثين ممن يرون كثيرًا من المنتسبين للأندية الرياضية والممارسين للألعاب الرياضية أن مظاهر السنة عليهم ظاهرة من إعفاء اللحى، ومن إقامة الشعائر، والحرص على الصلاة، ومظاهر الإيمان التي تعمر القلب من حيث التوجه إلى الله ﷿، ورفع أكف الضراعة إليه سبحانه في كثير من المناسبات، وهذا أمر يجب أن نشكر الله ﷿ عليه، وأن نلمسه في شبابنا، وأن يكون مدخل حق نعرفه ونقره ونشجع عليه. ثم إن الأوضاع في هذه البلاد كلها تدعو إلى هذا، ولله الحمد، فالمسئولون يؤيدون هذا، ويرغبون فيه، ويدعون إليه، ولله الحمد، خلافًا لما يلمس في كثير من البلاد، ففي كثير من البلاد وبخاصة المنتسبين إلى الرياضة والأندية الرياضية غالبًا تكون سيماهم البعد عن المظاهر الإسلامية، بل لعلهم يجدون تناقضًا أن يكون المنتسب إلى الرياضة مستمسكًا بالسنة ثم يمارس الرياضة، بينما عندنا ليس نشازًا بل هو الأصل والمطلوب، وهو المنظر الذي يسر كل مسلم، مهما كان توجهه وميوله، حينما يرى أي فرد وأي مسلم، سواء كان منتسبًا للرياضة أو لناد أو غيره، ويراه مستقيمًا على أمر الله قد ظهرت عليه مظاهر السنة. إذًا، هذا أمر يجب أن نلمسه وأن نتأكد منه. اللقاء بالشباب لقاء ممتع، كذلك أيضًا من حيث أن الإنسان إلى حد ما، فهو تتقدم به السن، فيرى شبابًا صالحًا، فيتذكر أقرانه حينما كانوا في سن ملائمة، من هؤلاء الشباب أصحاب العشرين والخامسة عشرة والسابعة عشرة والثلاثين، يرى أن سيما الصلاح فيهم أكثر ظهورًا، ولله الحمد، وكما قلت: يرى نشاطهم وتوجههم الإسلامي وحرصهم على الدعوة إلى الله ﷿، ويسر بهذا.

9 / 2