Umayyad Mosque in Damascus
الجامع الأموي في دمشق
Penerbit
مطبعة الحكومة
Lokasi Penerbit
دمشق
Genre-genre
فإن قبره لم يكن في المسجد، بل كان في داره، فلما دخلت الدار في المسجد عند التوسعة (١)، صار فيه. وقد نص الحنفية أن من آداب زيارة قبره ﷺ ألا يستقبل الزائر القبر بل يقف بحذاء رأسه الشريف ويصلي عليه ويدعو له، وهو مستقبل القبلة (٢). مع أن الثابت من تاريخ سيدنا يحيى بن زكريا ﵉، وهو الذي يسميه النصارى (يوحنا المعمدان) أنه كان على عهد المسيح ﵇، وأن الإمبراطور الروماني أمر بقتله وسلّم رأسه إلى (تلك) الراقصة الفاجرة، فعَبَثت به ولم يُعلم مصيره، فهو قد قُتل في الأردن، قبل عمارة الأموي بنحو ستمئة سنة، فمن أين وصل الرأس إلى هذه المغارة؟ وكيف قطع هذه المسافة على الأرض، وهذه المسافة في الزمان، ثم استقر سليمًا في هذا السفط؟.
أما تسمية الكنيسة بمار يوحنا فلا يدل على شيء، لأن عند المسيحيين أكثر من عشرين كنيسة، في كل منها قبر ليحيى ﵇ (٣). هذا وعندهم أكثر من عشرين قديسًا باسم (مار يوحنا). فمن قال بأن الاسم المقصود هنا هو ليوحنا المعمدان؟.
وعلى فرض صحة الخبر الذي رواه ابن عساكر، فإنه لا يثبت إلا أنهم وجدوا رأسًا عليه اسم يحيى لا يُعرف من كتبه ولا تاريخ كتابته، وليس لدينا أي دليل على أن هذا القبر هو ليحيى، وليس لدينا دليل كذلك على نفي أن فيه رأس يحيى ﵇. فالله أعلم بحقيقة الحال.
_________
(١) انظر كتابي "من نفحات الحرم".
(٢) "الهندية" عازيًا إلى "الاختيار شرح المختار".
(٣) وفي قرية سبسطيا قرب نابلس حيث قُتل، قبرٌ له يقدّسه النصارى.
1 / 34