Umara Bayan
أمراء البيان
Genre-genre
[174_2]
يقول الثعالبي إنه لم يكن في الأكاسرة بعد أزدشير الذي له فضيلة السبق أعدل من أنوشروان، ولذلك ضرب المثل به في العدل من بينهم؛ فأما سائر الأكاسرة، فإنهم كانوا ظلمة فجرة يستعبدون الأحرار ويجرون الرعايا مجرى الأجراء والعبيد والإماء، فلا يقيمون لهم وزنا، ويستأثرون عليهم حتى بأطايب الأطعمة والثياب الحسنة والمراكب، والنساء الحسان، والدور السرية، ومحاسن الآداب، فلا يجترئ أحد من الرعايا أن يطبخ سكباجا، ويلبس ديباجا، أو يركب هملاجا، أو ينكح امرأة حسناء، أو يبني دارا قوراء، أو يؤدب ولده، أو يمد إلى مروءة يده؛ وكانوا يبنون أمورهم على معنى قول عمرو بن مسعدة للمأمون - ملك ما يصلح للمولى على العبد حرام - إلا أنهم كانوا يحبون العمارة أشد الحب، ويرونها قوام الدين والملك، ولا يقارون أحدا على الإخلال بها والتقصير فيها. وعمرو هو القائل:
ومستعذب للهجر والوصل أعذب ... أكاتمه حبي فينأى وأقرب
إذا جدت مني بالرضا جاد بالجفا ... ويزعم أني مذنب وهو أذنب
تعلمت ألوان الرضا خوف هجره ... وعلمه حبي له كيف يغضب
ولي غير وجه قد عرفت طريقة ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب
قالوا وهذان البيتان الأخيران متنازعان؛ على أن محمد بن عمرو بن مسعدة ذكر أن أباه لم يقل من الشعر شيئا إلا بيتا واحدا، فوقع في ظهر رقعة لرجل:
أعزز علي بأمر أنت طالبه ... لم يمكن النجح فيه وانقضى أمده
- -
عظمة أخلاقه:
ذكروا أن شقيقه مجاشع بن مسعدة كان صديقا لأبي العتاهية الشاعر، يقوم بحوائجه كلها، ويخلص مودته، فمات، وعرضت لأبي العتاهية حاجة إلى أخيه عمرو بن مسعدة فتباطأ فيها، فكتب إليه أبو العتاهية:
Halaman 174