Umara Bayan
أمراء البيان
Genre-genre
[136_2]
كالخير، وازن العلم واسع الحلم، إن حودث لم يكذب، وإن موزح لم يغضب، كالغيث أين وقع نفع، وكالشمس حيث أولت أحيت، وكالأرض ما حملتها حملت، وكالماء طهور لملمسته، ونافع لغلة من أحر إليه، وكالهواء الذي تقطف منه الحياة بالتنسم، وكالنار التي يعيش بها المقرور، وكالسماء التي قد حسنت بأصناف النور اه.
صورتان جميلتان في وصف سهل، صورهما مصوران مبدعان، عاشا بقربه وفتنتهما بخلقه وخلقه.
واتهموا سهل بن هارون بالبخل وأوردوا له قصصا ونوادر، وعده الجاحظ من متعاقلي البخلاء وأشحاء العلماء قال: ما علمت أن أحدا جرد في البخل كتابا إلا سهل بن هارون وأبا عبد الرحمن الثوري. والبخل في الفرس غالب في الجملة، غلبة الكرم على طبائع العرب. فاقتضى ذلك التفريط الذي رآه سهل في تبذير العرب، أن يدلي لقومه بآرائه المفرطة في الاقتصاد والإمساك. وما شوهد قط تفريط، إلا وإلى جانبه إفراط. وربما كان اتهامه بالبخل مبالغا فيه تراد به النكتة والنادرة.
حكى الجاحظ قال لقي رجل سهل بن هارون فقال: هب لي ما لا ضرر به
عليك فقال: وما هو يا أخي؟ قال: درهم. قال: لقد هونت الدرهم وهو طائع الله في أرضه لا يعصي، وهو عشر العشرة، والعشرة عشر المائة، والمائة عشر الألف، والألف دية المسلم، ألا ترى إلى أين انتهى الدرهم الذي هونته. وهل بيوت الأموال إلا درهم على درهم؟ فأنصرف الرجل، ولولا انصرافه لم يسكت.
وحكي دعبل الخزاعي الشاعر قال: أقمنا يوما عند سهل بن هارون، وأطلنا الحديث حتى أضر به الجوع، فدعا بغدائه، فأتى بصفحة فيها مرق تحته ديك هرم، فأخذ كسرة وتفقد ما في الصفحة، فلم يجد رأس الديك، فبقي مطرقا، ثم قال
Halaman 136