161

أوديسيوس وسط الغمام

في ذلك الحين، نهض أوديسيوس ليذهب إلى المدينة، وألقت أثينا، حوله غمامة كثيفة، بنية خالصة، كي لا يتحدث إليه أحد من الفياكيين، العظيمي القلوب، إذا ما التفوا به، أو يسخروا منه، ويسألوه من يكون، فلما أوشك على دخول المدينة العظيمة الجميلة، قابلته الربة أثينا، ذات العينين النجلاوين، متنكرة في زي فتاة يافعة تحمل جرة، ووقفت أمامه فسألها أوديسيوس العظيم بقوله:

سأريك القصر، كما تريد أيها الغريب. «أي طفلتي، ألا يمكنك أن تدليني على منزل من يسمونه ألكينوس، ذلك الذي يحكم هنا كملك على هذا القوم؟

1

لأنني قدمت إلى هنا، غريبا، من بلاد قصية، ومنهكا غاية الإنهاك؛ ولذا لست أعلم أي قوم يملكون هذه المدينة، وهذه البلاد.»

عندئذ أجابته الربة، أثينا المتألقة الناظرين، قائلة: «إذن فسأريك القصر، كما تريد، أيها الغريب. إنه قريب من بيت أبي الشريف. كل ما عليك هو أن تمشي معي في هدوء بينما أرشدك إلى الطريق. بيد أنه يجب ألا تلتفت بعيونك نحو أي رجل، وألا تسأل أحدا؛ لأن القوم هنا لا يحتملون رؤية الأغراب، ولا يرحبون بمن يأتي من بلد آخر. إنهم والحق يقال يثقون في سرعة سفنهم الماخرة، ويعبرون بها هوة البحر العظيمة؛ لأن هذا هو ما وهبهم إياه مزلزل الأرض، وسفنهم تسير بسرعة بالغة كأنها طائر يبسط جناحيه، أو فكرة تمر في سرعة.»

2

قالت بالاس أثينا هذا، وشقت الطريق بسرعة، بينما سار أوديسيوس

3

في أعقاب الربة. وبينما كان أوديسيوس يسير بين الفياكيين خلال المدينة، لم يعره القوم المشهورون بسفنهم أي التفات؛ لأن أثينا الربة المهوبة ، ذات الغدائر الفاتنة، لم تكن لتحتمل هذا، وعلى ذلك أحاطته بغمامة عجيبة؛ إذ كان قلبها يعطف عليه. ودهش أوديسيوس لفخامة الموانئ، والسفن الرائعة الواقفة عند مكان الاجتماع، حيث كان الأبطال أنفسهم محتشدين. كما أعجب بالحوائط الطويلة الشاهقة التي تعلوها الطرق البديعة نزهة للرائين، فلما بلغا قصر الملك المنيف، بادرته أثينا، اللامعة الطرف، بقولها: «هنا، يا سيدي الغريب، البيت الذي طلبت مني أن أدلك عليه، ستجد الملوك، نسل زوس، جالسين إلى المائدة يولمون، ادخل

Halaman tidak diketahui