131

Gyrae

الضخمة؛ إذ دفعه بوسايدون، في بادئ الأمر، ولكنه أنقذه من البحر، وكاد أن ينجو من حتفه، رغم كراهية أثينا له، لو أنه لم ينطق بكلمة متغطرسة، لعمى قلبه البالغ. لقد أعلن أنه قد نجا من هوة البحر السحيقة، رغم أنف الآلهة، فسمع بوسايدون زهوه وعجرفته، وفي الحال، أمسك رمحه ذا الشعاب الثلاث، في يديه القويتين، وضرب به صخرة جواري، فشقها نصفين، فبقي جزء منها في مكانه، أما الجزء المفصول فسقط في البحر، وكان هذا هو الجزء الذي جلس عليه أياس في بادئ الأمر عندما أصيب قلبه بالعمى الشديد، فغاصت به الصخرة إلى اليم الصاخب، حيث هلك؛ إذ شرب الماء الملح.

أما أخوك فقد نجا من الهلاك حقا واجتنبه بسفنه الواسعة؛ إذ أنقذته هيرا الجليلة. بيد أنه عندما صار وشيك بلوغ قمة ماليا

Malea

الشديدة الانحدار، أمسكت به الريح العاصفة، وطوحت به فوق الخضم الزاخر وهو يئن بشدة، وحملته إلى حافة البلاد،

21

التي كان يقيم فيها من قبل ثويستيس

Thyestes ، والتي يقطن فيها الآن أيجيسثوس بن ثويستيس. غير أنه لما بدا له بريق أمل في العودة بسلام، وحولت الآلهة مجرى الريح، فأخذت تهب في رفق، حتى بلغ الوطن. والحق يقال، إن أجاممنون، وضع قدمه الآن فوق أرض وطنه، مسرورا، واحتضن التربة وقبلها، فانهمرت الدموع الحارة غزيرة من مقلتيه؛ إذ كان يتوق شغفا إلى رؤية بلاده؛ عندئذ من موضع المراقبة، أبصر به الحارس الذي كان أيجيسثوس الماكر قد وضعه هناك، ووعده بأن يمنحه تالنتين من الذهب جائزة له، فظل هذا الحارس في مكان المراقبة عاما كاملا، خشية أن يمر به أجاممنون دون أن يراه، ويتذكر قسوته البالغة. وعلى ذلك أسرع إلى القصر كي يحمل النبأ إلى راعي الشعب، وفي الحال وضع أيجيسثوس خطة غادرة، فاختار عشرين رجلا من خيرة رجالات البلاد، وأمرهم بأن يكمنوا في انتظاره، بينما أمر بإعداد وليمة كبيرة في أقصى جوانب الساحة، ثم انطلق في عربة تجرها الجياد، لكي يدعو أجاممنون، راعي الشعب، بينما يفكر عقله في العمل الخسيس. وهكذا استدرجه وهو غافل تماما عما يحيط به من خطر، وبعد أن تناول الطعام في تلك الوليمة، ذبحه كما يذبح المرء ثورا في الخطيرة. ولم يترك أحدا من رفاق ابن أتريوس، من جميع أولئك الذين تبعوه، ولا واحدا قط من رجال أيجيسثوس، بل قتلهم جميعا في الساحات.

ما إن قال ذلك القول، حتى تحطمت روحي في داخلي، وطفقت أبكي وأنا جالس فوق الرمال، ولم تعد لقلبي رغبة في البقاء على ظهر الدنيا ورؤية ضوء الشمس. وبعد أن بكيت كفايتي، وشبعت نحيبا، قال لي عجوز البحر المعصوم من الخطأ: «يا ابن أتريوس، لا تسترسلن في البكاء هكذا طويلا بغير انقطاع؛ إذ هذا لا يجدي بحال ما. كلا لا فائدة منه قط، بل الأجدر بك أن تكافح بكل ما يمكنك من سرعة، إلى أن تصل إلى وطنك؛ لأنك إما أن تجد أيجيسثوس على قيد الحياة، وإما أن يكون أوريستيس، قد سبقك إليه وقتله، وربما أدركت وليمة جنازته.»

هكذا تحدث العجوز، وإذا بقلبي وروحي ينشطان من جديد في صدري رغم جميع أحزاني، فتكلمت وخاطبته بكلمات مجنحة،

Halaman tidak diketahui