Sasterawan Arab di Zaman Jahiliah dan Awal Islam
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
Genre-genre
على أن الشعر الجاهلي المستقل ببيته، لا ببنايته، يرتفع أحيانا إلى غاية الجمال، وهو في الجملة أخلص الشعر القديم جوهرا، وأصدقه شعورا وتعبيرا وإيحاء، يأتي به الشاعر بقوة الإحساس الفني، على فطرته وصفاء نفسه، مع ما فيه من بداوة ووحشية وخشونة. (2) الفخر والحماسة
اتفق مؤرخو الأدب أن يجعلوا الفخر والحماسة بابا واحدا لما بينهما من الاتصال الوثيق؛ لأن الحماسة ليست سوى فخر الفارس ببطولته وذكر وقائعه، ووصف فرسه وسلاحه. وباب الفخر في الجاهلية - وإن اتسع إلى موضوعات غير الفروسية كالنسب والسيادة والكرم والأخلاق والأهل والولد والفصاحة - لا يخلو أصلا عن المباهاة بالشجاعة والإقدام. ومن العبث أن نبحث عن فخر شاعر بنفسه، أو مدح شاعر لغيره، أو رثاء شاعر لميت دون أن يكون للشجاعة القسط الراجح، بحيث لا يمكن أن نفصل الفخر عن الحماسة؛ لأنهما وجدا توأمين متلازمين، فلا فخر بدون حماسة، وكذلك الحماسة هي الفخر بعينه. ويحسن بالفروسية أن يرافقها شرف المحتد ومكارم الأخلاق، حتى إن المضعوفين في نسبهم يدافعون عنه أنبل دفاع، كما دافع عنترة عن نسبه لأمه. ولا يرضى أحد الصعاليك - كالشنفرى والسليك - أن يغمز في حميد صفاته.
وشعر الفرسان يشتمل على جميع الفضائل الجاهلية، وأخصها فضيلة الفروسية؛ حيث ينصرف الشاعر إلى ذكر حروبه مبالغا في وصف البطل الذي يبارزه ويسطو عليه، أو وصف المعركة التي يخوض غمارها، ويلقي بنفسه في مهالكها.
ويحدث عن القتلى والأسرى والسبايا والغنائم، فلا يخلو حديثه عن تكثر أو غلو، والتكثر والغلو من خصائص شعر الفروسية، فإن الواقعة الصغيرة تبدو ملحمة كبيرة، والعدد القليل يجر جيشا عرمرما، ونفيرا من القتلى يعد بالمئات والألوف. على أن غلوهم لم يأت مستقبحا، وهو وليد العاطفة المتحمسة تجعله قريبا إلى النفس، والفطرة الساذجة تمسحه بجمالها الجذاب. يخالف الحقيقة ويصدق في شعوره الفني، يجري مع الطبع في نشوة الخاطر المتدفق، لا يهيئه العقل في يقظة الفكر المتكلف.
والشعر الحماسي - كسائر الشعر الجاهلي - يعتمد في الأكثر على الوصف، وفي الأقل على القصص، وهو في كلا الحالين يؤثر الإيجاز على التطويل، ويلمح الجزئيات دون الكليات، ويتعلق بالمادة أكثر من الروح. فلو أراد أن يصف معركة اجتزأ ببضعة أبيات ترينا جواده وسيفه ومضات من البرق جميلة في سرعتها وتلويحاتها. غير أننا لا نخرج منها بفكرة عامة أو صورة تامة عن الواقعة، فما ندري كيف جرت حركات المتحاربين، وكيف انتظم الجيشان، وأين وقف الفرسان، وأين وقف الرجالة، وكيف تم الهجوم والالتحام. ولا نسمع من الأصوات إلا غماغم يختلط فيها وقع السلاح، وصياح الفرسان، وحمحمة الجياد، ودقدقة الحوافر، ولا نرى من صفات السلاح إلا سيفا قاطعا، ورمحا طويلا، ودرعا سابغة، وقليلا ما يسهب الشاعر ويدقق في أوصاف السلاح كما يسهب ويدقق في نعت جواده ونعت الفارس المقاتل. على أن صورة الفارس لا تظهر في الغالب جلية، بل يتركها غامضة مغشاة، ويعطينا المعركة على الإجمال تهاويل مقطعة الخطوط والأوصال لا يتألف من أجزائها وحدة موضوعية متلاحمة.
والوصف عنده لا يتعدى الطبيعة ومرئياتها، ولا يرتفع بها عن منزلتها إلا نادرا. فجواد عنترة، في شكواه وتألمه، صورة تكاد تكون فريدة في روحانيتها وارتفاع الحيوان بها إلى درجة الإنسانية، وليس له اليد الطولى في استجلاء أسرار النفس وتفهم أهوائها وحركاتها، فجاءت نفسيات الفرسان كتصاويرهم الخارجية يتغشاها سحاب من الإبهام. فبراعته في الوصف لا تجاوز النقل عن الطبيعة في الجملة، على شيء من الإحكام والتهذيب؛ لأن البدوي له عين متنبهة لالتقاط المرئيات، ومخيلة مصورة تحسن تقليد الأشياء، وليس له قوة الخيال المبدع الذي يختزن المحسوسات ويجمع بعضها إلى بعض، ثم يحللها ويركبها، فيخترعها صورا جديدة أو يخلقها خلقا مبتكرا إلا في القليل المحدود، ومع ذلك فهو يجيد الوصف ويتقنه أكثر مما يجيد القصص، فإن القصة في الشعر الجاهلي ضعيفة الفن؛ لاقتصارها على الخبر البسيط والسرد السريع كما يفعل عنترة في كلامه على مبارزاته، وتأبط شرا في حكاياته عن الغيلان، ولا جرم أن الإيجاز الذي درج عليه الجاهلي كان يحول بينه وبين الإسهاب في أخباره، وهذا الإيجاز يعود في معظمه على قصر النفس، ونزارة ينابيع الخيال المبدع، فلم يتوفر له عمل الملاحم والقصص الطويلة، وقد فصلنا ذلك في كلامنا على ميزة الشعر الجاهلي. (3) الشعر السياسي (3-1) المدح
المدح في الجاهلية من الأبواب الرئيسة لاتصاله بالحياة القبلية، فقد كان على الشاعر أن يدافع عن أعراض قومه، ويمدح ساداتهم وفرسانهم، ويطري فضائلهم ويمجد أعمالهم، ولذلك كانت القبيلة تغتبط وتتباشر إذا نبغ شاعر فيها، وإن لم يكن من الفرسان؛ لأن حماية الأعراض والأحساب لا تقل شأنا عن حماية الأرواح والأموال. ولا تلحق الشاعر غضاضة من هذا المدح؛ لأن مفاخر القبيلة - وهو منها - تعود إليه كما تعود إلى غيره من أبنائها، فخليق بهذا المدح أن يعد من الفخر، فما كان عمرو بن كلثوم في معلقته إلا مفاخرا بقومه، مدافعا عنهم، وكذلك الحارث بن حلزة في رده عليه والذود عن بني بكر، مع أنه لم يكن سيد القبيلة ولا فارسها.
على أن الشاعر الجاهلي مضطر كغيره من البدو إلى الترحل والنزول على قبيلة غريبة، ضيفا أو جارا، فتحسن وفادته، وتبالغ في قراه وإيناسه، أو تجيره وتؤمنه في خوفه، وتساعده على حاجته، فيرى من واجبه أن يشكر لها صنيعها، ويمدح السيد الذي أضافه أو أغاثه، وهذا لا يعد من باب التكسب، وإنما هو شكر على معروف، لا استجداء لصلة، كما مدح امرؤ القيس القبائل التي كانت تضيفه أو تجيره بعد مقتل أبيه، فقال في المعلى التيمي حين أجاره من المنذر بن ماء السماء:
أقر حشا امرئ القيس بن حجر
بنو تيم مصابيح الظلام
Halaman tidak diketahui