Warisan dan Pembaharuan: Pendirian Kami Terhadap Warisan Lama
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
Genre-genre
ولكنه قد يقبل حاليا لأن فيه عود الإنسان إلى الطبيعة منظرا إياها، وفاعلا فيها، ومكتشفا لقوانينها بدلا من فصم نفسه عنها، وإسقاطها من حسابه بالتركيز على التوحيد القديم، مهمة «التراث والتجديد» إذن هي إعادة كل الاحتمالات القديمة بل ووضع احتمالات جديدة، واختيار أنسبها لحاجات العصر، إذ لا يوجد مقياس صواب وخطأ نظري للحكم عليها، بل لا يوجد إلا مقياس عملي، فاختيار المنتج الفعال المجيب لمطالب العصر هو الاختيار المطلوب، ولا يعني ذلك أن باقي الاختيارات خاطئة، بل يعني أنها تظل تفسيرات محتملة لظروف أخرى، وعصور أخرى ولت أو ما زالت قادمة، وهذا لا يعني أن أصول الدين واحدة في كل زمان ومكان لا تتغير وإلا خلطنا بين الأصول والفروع، بين الدين والفقه، فالتوحيد ثابت ولكن تختلف أوجه فهمه طبقا لحاجات العصر، وحرية الإنسان وعقله ومسئوليته ثابتة أيضا، ولكن تختلف طرق ممارستها من عصر إلى عصر، ومن بيئة إلى بيئة، ومن وضع اجتماعي إلى وضع اجتماعي آخر، والتصور الدينامي للأصول هو أيضا احتمال مع التصور الثابت لها، والتصور العملي للعقائد هو أيضا احتمال أمام التصور النظري لها، ومن ثم يكون اتهام حضارتنا بأنها حضارة وحدة لا تعدد، وبأنها حضارة اتفاق لا اختلاف اتهاما باطلا؛ لأن أهم ما يميز تراثنا القديم هو أنه أعطى مجموعة من الاحتمالات المتعددة تطايرت من أجلها الرقاب حين الاختيار بينها،
8
فالاجتهاد ليس فقط منهجا في أصول الفقه، بل هو أيضا منهج في أصول الدين، وليست وظيفته فقط هي القياس في الأحكام، وهي أفعال السلوك، بل أيضا في اختيار النظريات وأنسبها طبقا لحاجات العصر، فالاجتهاد يقوم بالتأسيس العلمي في علم أصول الفقه طبقا لقدرات الفرد ويقوم بالتأسيس النظري في علم أصول الدين طبقا لمتطلبات العصر.
وعندما نقول روح العصر أو احتياجات العصر أو واقعنا المعاصر، فإننا لا نشير إلى أية جماعة بشرية تنتمي إلى جنس معين، فالبشر لا تصنف إلى أجناس أو إلى جماعات بيولوجية بل تشير إلى أبنية نفسية ولأوضاع اجتماعية وهذه الأبنية والأوضاع هي التي تحدد الهوية،
9
وأي تفسير عنصري أو قومي أو جنسي للوقائع هو تفسير يخضع للأهواء والأمزجة ولا يخضع للعلم ولتحليل الواقع، أو يكون تفسيرا ناشئا عن انحراف في الموقف الحضاري، وتبعية لمسار الحضارة الغربية وبيئتها.
ومن الصعب تناول قضية «التراث والتجديد» والاستقرار على أسلوب متسق للتحليل، فقد يغلب أحيانا تحليل القديم مما يؤدي إلى الأكاديمية الخاصة، وما تتصف به من برودة، وتعالم، وانعزال عن الواقع، وقد يغلب أحيانا أخرى تحليل الواقع المعاصر؛ مما يعطي البحث طابع التحليل الاجتماعي الذي لا شأن له بالتراث القديم، والواقع أنها معادلة صعبة في النظر إلى الواقع كحصيلة للتراث القديم، والنظر إلى التراث القديم من خلال الواقع، قد يقع الباحث في عيب الثقل الأكاديمي الذي يصل إلى حد التعالم، ولكن هذا العيب أخف كثيرا من ترك القديم بطلاسمه ورموزه، وقد يقع الباحث في عيب الوصف الاجتماعي للواقع المعاصر، ولكن هذا العيب أيضا أخف كثيرا من الثقل الأكاديمي وانعزال التراث عن واقعه الذي يتحرك بفعل التراث. (1-3) التراث قضية وطنية
وتراثنا القديم ليس قضية دينية لانطباعه بصبغة دينية، ولأنه قام ابتداء من الدين، ولكنه قضية وطنية تمس حياة المواطنين وتتدخل في شقائهم أو سعادتهم، والدافع على التجديد ليس عاطفة التقديس والاحترام والتبجيل الواجبة لكل موروث ديني بل انتساب الإنسان المجدد إلى أرض وانتماؤه إلى شعب،
10
قضية «التراث والتجديد» قضية وطنية لأنها جزء من واقعنا، نحن مسئولون عنه كما أننا مسئولون عن الشعب والأرض والثروة، وكما أننا مسئولون عن الآثار القديمة والمأثورات الشعبية؛ لذلك آثرنا لفظ «التراث» وليس «الدين»، فالدين جزء من التراث، وليس التراث جزءا من الدين، ويمكن التعامل مع التراث كما نتعامل مع المأثورات الشعبية بتطويرها، وصياغتها، وإبرازها تعبيرا عن روح الشعب وتاريخه، القضية إذن ليست قضية دينية بل قضية اجتماعية أو سياسية أو فنية أو تاريخية، تجديد التراث إذن ليس غاية في ذاته، بل وسيلة للبحث عن روح الشعب وتطويرها كوسيلة لتطوير الواقع ذاته ولحل مشاكله، تجديد التراث هو دراسة للبعد الاجتماعي لقضية الموروث أو دراسة للموروث في بعده الاجتماعي، فهو أدخل في علم الاجتماع الديني أو علم الاجتماع الحضاري، ومن ثم كان أحد مشاكل العلوم الإنسانية، الحديث عن التراث إذن ليس حديثا عن الدين، فالتراث حضارة، والحضارة ناشئة بفعل الزمان والمكان، وكل ما في التراث ليس في الدين، وكل ما في الدين ليس في التراث، فقد ظهر التأليه والتجسيم والتشبيه في التراث ولم يظهر في الدين، وظهر الجبر في التراث ولم يظهر في الدين، وظهرت دعوات في التراث إلى الخنوع والاستكانة والرضا والقناعة والخوف ولم تظهر في الدين، فالتراث إن هو إلا عطاء زماني أو مكاني، يحمل في طياته كل شيء، «ودين الثورة» موجود في الدين وليس موجودا في التراث، «ودين التحرر» موجود في الدين وليس موجودا في التراث، والنزعة اليسارية موجودة في الدين وليست موجودة في التراث، والتاريخ موجود في الدين وليس موجودا في التراث، والإنسان موجود في الدين وليس موجودا في التراث، ومن ثم كانت أحكامنا على التراث بالرفض أو القبول أحكاما لا تمس الدين في كثير أو في قليل، وكان اختيارنا من التراث لا يؤدي إلى تكفير أو تضليل في الدين، فالدين ذاته أصبح تراثنا؛ لأن الدين قد تمثلته جماعة وحولته إلى ثقافة طبقا لمتطلبات العصر، لا يوجد «دين في ذاته»، بل يوجد تراث لجماعة معينة ظهر في لحظة تاريخية محددة ويمكن تطويرها طبقا للحظة تاريخية قادمة.
Halaman tidak diketahui