Warisan dan Pembaharuan: Pendirian Kami Terhadap Warisan Lama
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
Genre-genre
10
فإذا كان هناك لاهوت فهو «لاهوت الأرض»، وإذا كانت هناك فلسفة فهي فلسفة الأرض، وإذا كان هناك تصوف فهو تصوف الأرض، وإذا كان هناك شعر فهو شعر الأرض، أو رواية فهي رواية الأرض، أو فقه فهو فقه الأرض، وإذا أسسنا لاهوتا فهو «لاهوت التحرر» وإذا أقمنا فلسفة فهي فلسفة التحرر، وإذا أنشأنا تصوفا فهو تصوف الثورة، وإذا شرعنا فقها فهو فقه النضال، وإذا فسرنا دينا فهو دين التنمية، وقد كثر فيما حولنا لاهوت الأرض وشعر الأرض من أجل سلب أرضنا، فالصهيونية هي لا هوت الأرض، والاستعمار هو أيديولوجية الأرض، ونحن ما زلنا في نضالنا ضد الصهيونية والاستعمار، لا نقيم وزنا في فكرنا الوطني إلى لاهوت الأرض وشعر الأرض، ومن ثم كان فكرنا الوطني على المستوى النظري متخلفا عن أيديولوجيات التحرر الوطني المعاصرة. (2)
التنمية ضد التخلف، وهي مأساة العصر الثانية، والتخلف يشمل الجوع، وسوء التغذية، والفقر، والمرض، والأمية، والجهل، وعدم استغلال الثروات الطبيعية، وغياب التخطيط طويل المدى، وضعف المؤسسات، فالتخلف يشمل التخلف المادي والمعنوي على السواء، المعنوي مثل سيادة الأسطورة، والخرافة، والانفعال، وعبادة الشخص، والنفاق، والتملق، والزلفى، والخوف، والسلبية، والاستكانة، والقضاء، والقدر، فانتساب الباحث للتراث القديم، ووعيه بدوره كمفكر طليعي يجعله يرى أنه يعيش في مرحلة من تطور حضارته، يحكم عليها بالتخلف، وهو نفسه يعاني منه، ويفكر فيه كمشكلة، بالإضافة إلى موروثه القديم، ويجد نفسه في موقف إعادة بناء القديم أمام قضية التخلف وهي قضية العصر الثانية، يرى في القديم صورة العمران ومظاهر الازدهار والتقدم، ويرى في واقعه صور الفقر وجوانب التخلف والنكوص، حينئذ يجد الباحث نفسه مضطرا لإسقاط مفاهيم التخلف والتنمية على البناء الفكري في التراث القديم، ولا يستطيع الباحث إلا أن يفعل ذلك وإلا لكان طائرا في الهواء يحط بجناحيه على أية شجرة يصيبها، قضية التنمية تفرض نفسها على الباحث ولا يستطيع إلا أخذها في الاعتبار وهو بصدد صياغاته الفكرية وإقامة نظرياته لتطوير الواقع، وقد تخلف فكرنا الديني، ونحن في قلب البلاد النامية، عن الفكر الديني في بلاد نامية أخرى، أمريكا اللاتينية مثلا، ولم نربط بعد بين الدين والتنمية، بين الإيمان والتقدم، بين اللاهوت والتغيير الاجتماعي، وما زلنا نضع الدين في جانب الإيمان والتنمية في جانب الاقتصاد. (3)
التقدم ضد الركود الفكري، والنهضة ضد توقف الحضارة عن مسيرتها، وهي مأساة العصر الثالثة، إذ إننا نعيش في عصر من البلادة الفكرية لم يشهد التاريخ لنا بمثله ، حتى في عصر الشروح والملخصات كان المؤلفون يحفظون التراث بالشرح والتلخيص والتجميع في الموسوعات، والتأريخ لتراثهم ولروحهم، فالقديم كما هو بثقله يكتم الأنفاس، والجديد كما هو بتغطيته للواقع أكداسا فوق أكداس، والتبريرات للأوضاع القائمة هو الفكر الشامل، ثم يشتكي المبررون من البلاد، ويتضجرون من الركود، مهمة «التراث والتجديد» القضاء على هذه الحالة من الركود الفكري الذي يسود عصرنا الحاضر، فكلنا نشكو من عدم وجود تيارات فكرية أو اتجاهات فلسفية، وأنه يغلب علينا النقل والتجميع والعرض من أجل التعريف بالتيارات القديمة أو المعاصرة أو من أجل دفع كتاب مقرر يدرس بالجامعات، الحركة الفكرية لدينا هذه الأيام إما اجترار للقديم وتكرار لما وصل إليه من صياغات فكرية وعلوم عقلية أو نقلية حتى طغى الموروث على واقعنا المعاصر، وأصبح فكرنا مشدودا للقديم وفي حركة واثبة إلى الوراء بالنسبة لواقع في تقدم وتغير مستمر، وأصبح من الصعب على الفكر في وقوفه اللحاق بالواقع في مساره، وإما نقل وترجمة عن التراث الغربي أو تعريف بمذاهبه حتى سرت فوق الواقع طبقات سميكة من المذاهب الأوروبية تغلفه ولا تطوره، تطمس معالمه ولا تظهره، فإذا كانت الحركة الثانية طغيانا للجديد على القديم فكلاهما طغيان على الواقع، «التراث والتجديد» هو السبيل إذن لقيام حركة فكرية أصيلة يمكنها الوقوف موقفا نقديا من القديم الموروث، ومن الجديد المنقول بناء على متطلبات الواقع، والقضاء على الركود والبلادة العقلية اللذين لم يتركا للشباب إلا أن ينحصر في الوظيفة أو المكسب، فإن ضاقت اليد فالهجرة، فإن تأزم الفكر فالدين والجنس، إثارة قضية «التراث والتجديد» هي الكفيلة بخلق جو ثقافي حضاري يساعد على ظهور فريق من الباحثين والمفكرين بدلا من هذا الجدب الثقافي الذي نعيش فيه، والتباكي على ثقافتنا المعاصرة بأنها قد خلت من كل فكر جاد، ولم يظهر فيها أي عمل فلسفي شق طريقا أو أرسى بداية، وبأننا ما زلنا ننتظر فيلسوف العصر كما ننتظر الأنبياء.
مهمة «التراث والتجديد» حل طلاسم الماضي مرة واحدة وإلى الأبد، وفك أسرار الموروث حتى لا تعود إلى الظهور أحيانا على السطح وكثيرا من القاع، مهمته هو القضاء على معوقات التحرر واستئصالها من جذورها، وما لم تتغير جذور التخلف النفسية كالخرافة والأسطورة والانفعال والتأليه وعبادة الأشخاص والسلبية والخنوع فإن الواقع لن يتغير، وما أسهل أن يتبدل الشبح بالآلة والعفريت بالمحرك فكلاهما يؤدي نفس الغرض، فاستعمال الساذج للآلة لن يقضي على إيمانه بالجن والأشباح إلا إذا أعيد بناؤه النفسي، ومن ثم القضاء على طلاسم الماضي وأسراره إلى الأبد. مهمة «التراث والتجديد» التحرر من السلطة بكل أنواعها، سلطة الماضي وسلطة الموروث، فلا سلطان إلا للعقل، ولا سلطة إلا لضرورة الواقع الذي نعيش فيه، وتحرير وجداننا المعاصر من الخوف والرهبة والطاعة للسلطة سواء كانت الموروث أو سلطة المنقول، سواء كانت سلطة التقاليد أم السلطة السياسية. مهمة «التراث والتجديد» هو تفجير طاقات الإنسان المختزنة المحاصرة بين القديم والجديد كحصار الإنسان في اللاهوت المسيحي بين آدم والمسيح، بين الخطيئة والفداء. (3) شبهات ومخاوف
كثيرا ما أثيرت بعض الشبهات حول «التراث والتجديد» وبعض المخاوف منه، ولكنها في الحقيقة لا أساس لها، وتظل الفائدة أكثر من الخسارة إن كانت هناك خسارة على الإطلاق، والشبهات في المقدمات والمخاوف من النتائج: (3-1) شبهات في المقدمات (1)
لا يعني هذا العلم الجديد أو إن شئنا هذا المنهج في تحليل الظواهر بإرجاعها إلى المخزون النفسي القديم التخلي عن أية نظرة علمية أساسية على أساس أن الواقع ذاته لا صلة له بمخزون نفسي أو بماضي موروث، وأن الواقع له مقوماته من ذاته في أبنيته الاجتماعية ووسائل إنتاجه، وطبيعة علاقاته؛ لأن الاتجاه النفسي للبشر جزء من تصورهم للواقع، بل جزء من الواقع ذاته، فالواقع أبنية وسلوك، مواقف واتجاهات، بل إن الاتجاه النفسي هو الواقع كله سواء من قبل الجماهير المكونة للواقع، أو من قبل المحلل الذي تتحدد رؤيته للواقع باتجاهه النفسي مهما قيل في الموضوعية والحياد، تتحقق الموضوعية كاملة لو كان الاتجاه النفسي للباحث مطابقا للواقع النفسي ولمقتضيات سلوك الجماهير، فالواقع الحي، واقع الناس، واقع الجماهير، قبل أن يكون هو الواقع المصمت، والواقع المصمت لا يتحول إلى واقع اجتماعي إلا من خلال سلوك الجماهير واتجاهاتها وموافقتها. الواقع الحي أبنية نفسية، وعلاقات اجتماعية، وتصورات للعالم، وهو الواقع الجديد الذي تعطيه تجارب البلاد النامية، وإضافة جديدة تعطيها الشعوب المتحررة حديثا، قد لا يكون هذا هو الواقع ماثلا الآن في الشعوب الأوروبية الغربية نظرا لسيادة الواقع الكمي الإحصائي، ولكن الواقع في البلاد النامية - طبقا لنظرة علمية متكاملة - هو الواقع البشري وهو الواقع الكيفي الذي ما زال هو المحرك للجماهير، والحامل لأفكارها والخالق لقيمها. (2)
ولا يعني هذا المنهج الوقوع في نظرة مثالية تود تغيير الواقع بتغيير الأفكار، وتفسير الظواهر الاجتماعية بتغيير أبنيتها الفوقية؛ وذلك لأن التراث القديم ما زال حيا في وجدان الجماهير وما زالت القيم الموروثة هي الموجهة لسلوكها، والحقيقة أن هذه المشاكل المنهجية مثل: أيهما هو العامل الموجه، البناء الفوقي؟ أيهما له الأولوية الأبنية الاجتماعية أم النظريات؟ هذه المقابلات كلها تنتج عن وضع صوري للمسائل، وهو الوضع الذي يفصل بين جانبي الظاهرة الواحدة، الصوري والمادي، نتيجة لفقدان التوازن في شعور الباحث، وتعوده على تفسير الظواهر بعامل واحد، وهو من آثار الاتصال بالحضارة الأوروبية التي فقدت شعورها المحايد ووعيها المتزن.
11
والحقيقة أن الظاهرة لا هي صورية ولا هي مادية بل هي ظاهرة شعورية، أي أن الأبنية - اجتماعية وسياسية واقتصادية - والأبنية الفوقية من نظريات وآراء وموروثات تم توحيدها في الأبنية الشعورية، وهي الأبنية الفعلية التي تحدد سلوك الجماهير، فالواقع خارج الشعور خواء، والنظرية خارج القصد لا فعل لها، بل تتحدد الأفعال والوقائع بكونها أبنية للشعور، فالتراث القديم جزء من أبنية وجداننا المعاصر وأحد مكوناته كما أن الواقع جزء آخر وأحد مكوناته الأخرى، والفكرة التي تؤمن بها الجماهير تتحول إلى سلوك، والواقع الذي يعيشه الناس يتحول إلى مشاركة، وهذه أيضا إضافة نظرية تعطيها البلاد النامية طبقا لتجاربها الثورية المعاصرة في مقابل النظرية الآلية أحادية الطرف في الشعور الغربي.
Halaman tidak diketahui