Warisan dan Pembaharuan: Pendirian Kami Terhadap Warisan Lama
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
Genre-genre
جدل الكل أو لا شيء عند الممارسة، فالناس إما مؤمنون بانتسابهم إلى الجماعة أو كافرون بخروجهم عليها، فهم صنفان، صنف مع وصنف ضد، والأيديولوجية كل لا يتجزأ إما تطبق أو لا تطبق، وليس هناك مجال لأي تطبيق جزئي، أو أي زيادة أو نقص في الإيمان كما كان يقال في تراثنا القديم، في حين أن الواقع هو الواقع، لا هو بالمؤمن ولا بالكافر، قد يتجه نحو الأيديولوجية وقد يبتعد عنها ولكنه لا يكون أبدا خاليا منها أو مطابقا لها، وواقعية أية دعوة في تبنيها نظم الواقع المتفقة معها وتكملتها وتطوير ما يحتاج إلى تطوير منها، فالدعوة لا تأتي على لا شيء، وقد جاء الوحي قديما على تراث سابق أكده وطوره إلى مرحلة جديدة، وتخطئ الثورات الحديثة عندما تظن أنها تبدأ من لا شيء وتجب ما قبلها، فالغلظة منافية لتجنيد الجماهير، والاتهام للناس مناف للعمل معهم، وإلا يكون الداعي كمن يقطع أنفه. (8)
تغيير الواقع بالقوة دون انتظار لتجنيد الجماهير، واستعمال العنف ضد الجماعات، وليس ضد الطبقات، فالصراع يتم على المستوى الرأسي لا على المستوى الأفقي، والعنف الثوري لا يحدث إلا إذا وثقت الجماعة الثورية أن الجماهير كلها معها، وأنه لا أمل في تغيير الأوضاع الاجتماعية عن طريق نشر الوعي الجماهيري، إنه ليصعب استعمال العنف الثوري في بيئة تعتبر نفسها أمة واحدة، ومع جماعة ترتبط فيما بينها بالعروة الوثقى، وفي شعب يجمعه الحصير والمصطبة، ويستمعون للراوي ولأخبار البلد، وفي النهاية، قد يكون المخزون النفسي عند الجماهير، طبقات وأفرادا، هو الموجه الأول للسلوك الذي يجب المصلحة الخاصة، وقد يكون في إلقاء التحية على قوم - تحية السلام في «السلام عليكم» - مذهبة لغضب أو إعلانا لثورة أو تأكيدا على وحدة الجماعة أو إبرازا للمصلحة العامة، واغتيال الأفراد لا يقضي على الأفكار. (9)
تغيير الواقع بالوثوب على السلطة دون انتظار لتجنيد الجماهير، مصدر السلطة، ومن ثم كانت مثل هذه الدعوات أقرب إلى محاولات الانقلابات منها إلى تغيير اجتماعي بالفعل، وقد ينشأ هذا الأسلوب من ذهن يسيطر عليه التصور الهرمي المركزي للعالم، ويعطي الأولوية والفاعلية والحكم للقمة على القاعدة وللمركز المحيط، وكان السبب في القضاء على هذه المحاولات هو اصطدامها مع السلطة واتهامها بالوثوب عليها وتدبير المؤامرات لقلب نظام الحكم الشرعي، في حين أن إعداد الجماهير للثورة الشعبية هو العمل الثوري الباقي، وما السلطة السياسية إلا نتيجة لوعي الجماهير، ولا تأتي إلا في نهاية المطاف لا في أوله، وتأتي الرقابة على السلطة من القاعدة إلى القمة وتشارك في الحكم. (10)
الاعتماد على التنظيمات السرية وغالبا ما تكون مسلحة مما يقوي العقلية المتآمرة، والإحساس بالاضطهاد، والانفصال عن الآخرين، والرغبة في السيطرة، في حين أن الحق يعلن عن نفسه خاصة في هذه المرحلة التي يتم فيها تجنيد الجماهير، واجتماعهم على مبادئ بسيطة واضحة، إن السر ضد العلن، والأيديولوجية الواضحة تمارس في العلن في حين أن أيديولوجية السر تمارس في السر، وتدعو في الخفاء ، كما هو الحال في الدعوة الشيعية التقليدية، ولماذا السر والوحي يعلن عن نفسه، والجماهير والسلطة، الحاكم والمحكومون، الكل يبدأ من الوحي كمعطى نظري ووجداني، ولا يرفض أحد توجيه الوحي للواقع، والاختلاف في التفسير حسمه بمصلحة الجماهير؟ وقد تبدأ الدعوة الاجتماعية كلما زاد الإعلان عن العلن.
4 (11)
تنظيم الجماهير في جماعات مغلقة ينقصها الحوار، والإيمان بأنهم وحدهم على حق والآخرون على باطل كمعظم التنظيمات العنصرية، ولكنها عنصرية فكرية ومنهجية وعملية وعقائدية، اقتربت الدعوة إلى المجتمع المغلق الذي يتحدث لنفسه، ولا يسمع إلا ما يريد، غاب الحوار، وأصبح الخلاف في الرأي انشقاقا، وأصبح التصلب سمة في الممارسة، وجرت العادة على تصنيف الآخرين في قوالب جامدة يستحيل بعدها الحوار معهم، وبالرغم مما كانت لهذه الجماعات المغلقة من شعبية وآثار على مستوى التربية القومية إلا أنها - نظرا لطبيعتها المغلقة - ساهمت في تحديد الأفق وصعوبة الحوار مع الآخرين، وإن حدث فبنية الدفاع أو التفنيد دون الاستعداد للتخلي عن أي من المسلمات. (12)
مطالبة الجماهير المنتسبة للدعوة بالطاعة المطلقة، وغياب الطابع الديمقراطي الحر داخل الجماعة مما يسهل الانشقاق عليها من أجنحتها المختلفة، صحيح أن ذلك يدل على دقة التنظيم ومدى استعداد أنصاره للتضحية، ولكنه يجعله أشبه بالنظام العسكري الذي لا تجوز فيه المراجعة، وتجعل الأفراد مجرد أدوات للتنفيذ، مما يرجعنا للنموذج الشيعي للدعوة والطاعة الواجبة للإمام. والخطورة أن تنفصل القادة عن جماهيرها العريضة، وأن تكون في قرارتها أقرب إلى المناورة السياسية والممارسة الحزبية منها إلى تحقيق مصلحة الدعوة، وتكون مهمة الكوادر تبرير القرارات للقواعد العريضة فيبلغ الجميع ما تقرره القيادة، وقد ينتهي البناء كله إلى الضياع، وتكون الجماهير هي الضحية. (13)
سيادة التصور الجنسي للعالم، والبداية بالحجاب، وعدم الاختلاط، والأمر بغض النظر، وخفض الصوت، وكلما ازداد الحجاب ازدادت الرغبة في معرفة المستور، والدعوة السياسية الاجتماعية أرحب نطاقا وأوسع من هذا التصور الجنسي للعلاقات الاجتماعية، ولماذا يصنف المواطن إلى رجل وامرأة؟ ولماذا ينظر إلى الإنسان باعتباره ذكرا أم أنثى؟ إن تأكيد النظرة الإنسانية أو الإعلان عن الثورة السياسية من شأنه إحداث ثورة في السلوك الفردي دون ما حاجة إلى اللجوء إلى التصنيف الجنسي للمواطنين، خاصة وإن كان لا يدل على فضيلة بل يدل على رغبة جنسية مكبوتة أو حرمان جنسي في حالة من التسامي والإعلاء.
5 (14)
البداية بالمحرمات، والتشديد في العقوبات، وإصدار قوائم للممنوعات، وجعل السلوك الإنساني تحقيقا للنواهي دون ذكر للمباحات التي يمكن للإنسان أن يتصل من خلالها بالطبيعة، وجعل العالم مواطن للشبهات لا يجوز للإنسان أن يحوم حولها خشية التردي فيها؛ هذا كله يمنع الثقة بين الإنسان والعالم، ويضع في الإنسان الخوف بدل الشجاعة، والإحجام بدل الإقدام، ويجعل الإنسان متشككا في سلوكه، متهما لنفسه، نادما باستمرار على ما فعل مما يرسخ في نفسه الإحساس بالذنب الناتج عن الاقتراب من «التابو» أو من مجرد التفكير فيه، والوعي السياسي يتطلب القضاء على كل هذه المحرمات التي تخضع لتحليل العقل ولوصف الواقع، مما يعيد الثقة للإنسان بينه وبين سلوكه وبينه وبين العالم. (15)
Halaman tidak diketahui