وبينما كان الجنود يقومون بهذه الأعمال الوحشية كلها، فقد أجبروا السكان على إعداد الأكل اللازم لجميع هؤلاء العساكر وإمدادهم بكل ما يحتاجون إليه.
ولما غادروا القرية حملوا معهم المعتقلين الذين لم يعرف مصيرهم. (ه) قرية وادي الخاطف
قتل العساكر أثناء مرورهم بهذه القرية اثنين من سكانها هما محمد بن علي الحجري (وهو أبكم وأصم)؛ بسبب عدم امتثاله لأوامر الجنود التي لم يسمعها، والثاني خادم السيد «زهوزه». (و) قرية حمام الغزاز
بدأت محنة هذه القرية القريبة من قليبية يوم 25 يناير، وقد رمتها في ذلك اليوم بين الساعة الثانية والخامسة بعد الظهر الطائرات الصاروخية بالقنابل، وأطلقت عليها مدافعها الرشاشة، فأصيبت مئذنة المسجد وعدد من البيوت.
وقد ارتكب البوليس الفرنسي جرائم متعددة في ذلك اليوم نفسه؛ فقد اعتقل ضابط البوليس الفرنسي عبد الله بن حسين بن حسن البالغ عمره 27 سنة في بيت صهره، وأرسله إلى المكان الذي كان يجمع فيه رجال القرية، ثم أخرجه من بينهم وحمله إلى بستان «دويرة بني غازي» حيث قتله وتركه هناك.
وزار ضابط البوليس محيي الدين بن محمد رهوان، وهو مزارع متزوج يبلغ من العمر 41 سنة في بيته، وكان يبحث عن شقيقه عبد الكريم فلم يجده، فأخرج محيي الدين رافع اليدين، وفي الطريق أمره بأن يهتف: تحيا فرنسا، فأبى قائلا: أنا لا أعرف إلا الله ورسوله. فقتله رميا بالرصاص وتركه في مكانه.
وبعد أربعة أيام من تلك الحوادث حاصرت قوات الجيش الفرنسي القرية، وارتكبت فيها ما ارتكبته في بقية القرى.
وقد نسف الجنود عدة بيوت منها بيوت السيد عبد الرحمن بن حسين، والسيدة حرم البشير بن حسين، والسيد محيي الدين بن بشير، وذلك بعد أن تجولوا بين البيوت المهدمة من قبل بالقنابل أو المنهوبة وبأيديهم كاشفة ألغام للبحث عن الأسلحة.
وجمعوا الرجال في ميدان القرية ونهبوا البيوت والدكاكين، واغتصبوا عدة نسوة تحت تهديد المسدسات، بعد أن ضربوهن ضربا مبرحا، وجردوهن من مصوغاتهن من بينهن امرأة عمرها 16 عاما حامل في شهرها الثالث، وقد أجهضت في اليوم التالي، واغتصبت امرأة أخرى بحضور أطفالها الثلاثة، وقد اعتدوا على المسجد، وكانت دباباتهم تجوب مقبرة القرية لتهدم القبور كلها. •••
وإننا لم نسجل هنا إلا الحوادث التي تأكدنا من صحتها من التقارير الرسمية للحكومة التونسية ووكالات الأنباء الأجنبية ومراسلي الصحافة الفرنسية، أما في الواقع فإن الاعتداء على المكاسب كان أكثر مما أوردنا والعدوان على الأشخاص حدث على أوسع نطاق مما ذكرنا.
Halaman tidak diketahui