16620
باجة
10468
ويلاحظ أن مساكن والقلعة الكبيرة - وكلتاهما على الساحل - لا يعيش فيهما إلا المسلمون.
أما عن القبائل التي تعيش في تونس، فلسنا نستطيع أن نحدد تطورها، أو نبين نظامها، حتى ولو أسقطنا من حسابنا تلك الحواضر والمدن المكتظة بالسكان؛ حيث تختلط عناصر جنسية مختلفة. فنحن نجهل أصول كثير من هذه القبائل، ولا نعرف بالضبط كيف انحلت أواصرها، واختفت معالمها.
وظل الجند العرب، أمدا طويلا، قلة في العدد لا تحدث تأثيرا ذا خطر، في الجنس البربري التونسي. أما العامل الهام في تغيير هذا الجنس، فكان غزوة بني هلال في منتصف القرن الحادي عشر، ثم غزوات بني سليم (ق12، 13م)؛ ذلك أن هؤلاء الأعراب طردوا الأهالي البربر إلى النجاد، واحتلوا السهول، وعربوا القطر التونسي، وأخضعوا السكان إخضاعا تاما لسلطانهم، فأصبح من المستحيل الآن التمييز بين قبائل العرب والبربر.
وصفوة القول أن القطر التونسي هو أكثر أقطار إفريقية الشمالية استعرابا، وإن ظلت فيه بعض القبائل البربرية إلى الآن.
إن حياة البداوة في القطر التونسي مشرفة على الزوال، ولم يعد السكان يهاجرون إلا في سنين المجاعة والقحط، وكانت العادة أن تستقر القبائل في منازلها، ولا يرحل إلا قليل من الرعاة بأغنامهم، ولم تكن تنتقل إلا قطعان الماشية، فتقضي الشتاء في الفيافي، وتمضي الصيف في التل، وقد يقضي المهاجرون أياما في سهل كمودة، أما المثاليث، فيهاجرون وحدهم في الصيف، حتى بنزرت والجلاص وسواسي بجوار باجة، ولا يزال البدو يسكنون نفزاوة وصحراء تونس.
وقد سارت حكومة الحماية على ترغيب الناس في حياة الاستقرار، بتسهيل حيازتهم للأراضي، وتوجيه جهودهم إلى الزراعة، وقد نفذ قانون سمي ب «المغارسة»، بمقتضاه يصبح لمن يزرع الزيتون فيما يمنح من الأرض، الحق في امتلاك نصف هذه الأرض عندما تبدأ أشجار الزيتون في الإثمار. أما التشريع الخاص بتنظيم الحبوس، فقد ساعد بعض الأسر الوطنية على الاستقرار بمنحهم حقوقا ثابتة في استثمار الأراضي. وقد نظم استغلال المزارع الجماعية في المناطق العسكرية الجنوبية بمقتضى مرسوم 23 ديسمبر 1918م، فأصبحت كل مجموعة من الأراضي وحدة يشرف عليها مجلس من الأعيان.
كذلك كان للحماية الفرنسية الفضل في تمكين الملاك من إصلاح وسائل الري، وتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين وإنشاء وسائل الري، وتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين، وإنشاء السكك الزراعية، وتأسيس الإدارة العامة للتسليف الزراعي، وفيما يلي بيان بعدد المواشي التي كان يمتلكها الوطنيون والأجانب عام 1928م:
Halaman tidak diketahui