قم عافك الله إلى منزلك. خرق يا غلام المؤامرة. فخرقت في الحال، وانصرف الجهظ، وما صرفه الوزير بعد ذلك. وشاع حديثه فتحاماه الناس كلهم، وهلك جوعًا في منزله حتى بلغني أنه احتاج إلى الصدقة.
وحدث أبو الحسين قال: حدثني سليمان بن الحسن بن مخلد قال: قال لي ناقد خادم أبي وثقته وكان يتولى نفقته: ما رأيت أجسر من مولاي على أخذ مال السلطان، ومن ذلك أنني باكرته يومًا وقد لبس سواده ليمض إلى دار المعتضد على الله، وهو إذ ذاك يتولى دواوين الأزمة والتوقيع وبيت المال، فقلت له: قد صككت علي البارحة للمعاملين بألف وستمائة دينار، وما عندي منها حبة واحدة. فقال لي: يا بغيض، تخاطبني الساعة! أين كنت عن خطابي البارحة لأوجه وجهًا ما لها؟ ولكن ابتعني إلى دار السلطان. فتبعته، ودخل إلى المعتمد مع الوزير عبيد الله بن يحيى، ودخل معهما أحمد ابن صالح بن شيرزاد صاحب ديوان الخراج. فلما خرج قال: امض إلى صاحب بيت المال فخذ منه ما يدفعه إليك. فظننته قد استسلف شيئًا على رزقه، ومضيت إليه، فأعطاني ثلاثين ألف دينار، فاستكثرت ذلك، وعلمت أنه ليس من الرزق، وحملتها إلى الدار وعرفته خبرها. فقال للي: أطلق منها ما وقعت به إليك، واحفظ الباقي، فليس يتفق في كل وقت مثل ما اتفق. ومضى للحديث أيام، ودعا دعوة فيها صاعد بن مخلد وإليه إذ ذاك عدة دواوين وجماعة من الكتاب، فأكلوا وناموا وانتبهوا، فإذا كاتب من كتاب أحمد بن صالح بن شيرزاد يستأذن
1 / 89