ورزحت، فقالت له زوجته: لو مضيت إلى الوزير وتعرفت إليه بخدمتك كانت له لرجوت أن ينظر في أمرك نظرًا تغير به حالك. فأعرض عن قولها واستبعد الأمل مما ذكرته، ثم ألحت عليه في القول، فمضى ودخل دار أبي الحسن وتعرض له إلى أن رآه فأمسك وانصرف، فعرف زوجته ما جرى، فأشارت عليه بالعود، فعاد ومعه رقعة يستميحه فيها، ولم يزل حتى وجد فرصة منه فعرضها عليه، فلما وقف عليها قال: سل حاجةً تقض لك، واتفق أن صار إليه من خاطبه في أمر كاتب للعيال كان محبوسًا، وسأله مسألة الوزير إطلاقه، وضمن له خمسة آلاف دينار في خاصه، وللوزير عشرين ألف دينار على يده، وللحواشي خمسة آلاف دينار، ووافقه على تعديل المال عند بعض التجار بالكرخ. فلما توثق منه قصد الوزير ومعه رقعة بالصورة، فأمره بحمل المال ليطلق له الرجل، فحمل المال، فلما حصل في الدار منعه بعض الخدم من إدخاله إلى الخزانة إلى أن يؤذن في قبضه. وعرف الوزير أمره، فتقدم إلى العطار أن يفرق ما للحاشية عليهم ويأخذ جميع الباقي لنفسه. وأمر بإطلاق كاتب العيال، فاستعظم العطار ذلك وملأ قلبه، ورأى قدره يصغر عن مثله، فقال للوزير: يقنعني من هذا كله ألف دينار أُغير بها حالي. وأجعلها رأس مالي، فقال له: خذ الجميع عافاك الله ولا تكثر علي في الخطاب. فخرج من حضرته وصار إلى أبي أحمد المحسن، وعرفه الحال، وأنه يقنعه اليسير مما أعطيه، وأومى إلى حمل الباقي إليه،
1 / 85