وإنما بدافع الأيام والليالي ما هو المقصد الأعظم والمطلب الأكبر، وقوفا عند حد التكليف وحاله في زمانه ومكانه ورجاله، فإن الله عز وجل بنى ذلك على البلوى والإمتحان، ومعاناة هذا الخلق من صديق وعدو، وقريب وبعيد[21/ب] وابتلينا جميعا وابتلوا بسد علم الغيب مع ما عليه من الدنيا وأهلها، كما أشرتم إليه من إيثارهم لجانبها وعدم نظرهم في عواقبها واستحكام الأهواء على أكثر أهلها، ووقوفهم تحت ظلها، وهو كما قال عز وجل في ذلك الآيات: {إنا كنا من قبله مسلمين} وقال:{الم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} .
فنسأل الله أن يجعلنا ممن تلقى التكليف الوارد عنه عز وجل بالقبول له والصبر عليه والتأدب بأدابه، فإنه عز وجل نوع التكليف مع العدو أنواعا فتارة جهاده بالحجة والملاينة في القول والمعاملة والإعراض عن كثير مما يكره من أحواله، كما قال عز وجل: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} .
Halaman 181