صلي مدنف طالت عليه حياته ... وتعجيل موتي يا فديتك رحلتي
كتمتك ما بي من أليم صبابتي ... وبحت لكي تصغي لعظيم شكايتي
ولي عاذلٌ في الحب قد رمت وصله ... فما اسطعت ما أملته لشقاوتي
محبك يخشى أن الذي ... يحاذره إن لم يف بزيارتي
ولي عاذلٌ ما منه بد علقته ... لشدة حيني في أوان غرامتي
ومن ذلك:
الورد يخجل من تورد خده ... والغصن يعجب من رشاقة قده
هل بارد عذب المذاق أشنب ... يطفي فؤادي من حرارة وقده
من يابس الأغصان صرت نحافة ... لما نأى سؤلي وضن برفده
قل للعواذل ليس يبرد بعض ما ... ألقاه إلا أن يفئ بوعده
قد كدت من فرط الحرارات التي ... عزلت على ... أني ميتٌ من بعده
كم قد شكوت إلى التي ... في مهجتي أطغى صبيحة صده
حتى متى أنا في عذابٍ دائمٍ ... ومعذبي في غفلةٍ عن عبده
كم ينفض الرأس العذول بجهله ... ويقول قد بخل الحبيب بورده
كيف احتيالي والمعد لمهجتي ... صوت الصدود بهجره وببعده
إن قلت صلني تاه تيه مغضب ... فالويل لي فلقد بليت بحقده
من لي بأن يهدئ بعض ما ... في مهجتي ممن يصول بجنده
فدع الصداع فلست أسمع عاذلًا ... يعرو الكئيب ببرقه وبرعده
ومن ذلك:
لما شكوت الحب قال مفندي ... لازلت في كمدٍ تروح وتغتدي
هل لي على طول البكى من مسعد ... فلقد نأى صبري وقل تجلدي
يا من عليه من الأنام معولي ... كن راحمي من حيرتي وتلددي
لم صرت لي بعد السلام تحريا ... وأرعتني بتوعدٍ وتهدد
يا من كأن السحر حشو جفونه ... والكحل في عينيه غير الأثمد
هل منك لي وعدٌ يطيب عيشتي ... فلقد علمت بحاجتي وبمقصدي
يا من كأن الشهد لذة ريقه ... والنكهة الخمر العتيق العسجد
والثغر درٌ والسواك يزينه ... فكأنه عقدٌ ولما يعقد
يا من يزيد على الهلال ملاحة ... والفض يحكيه بحسن تأدد
يا كاملًا في الفضل جد لتذللي ... بزيارة من طيفك المتردد
يا سيد جمع الفصاحة والحجى ... لازال نجمك في بروج الأسعد
ومن ذلك:
الحت لم يبق لي صبرًا ولا جلدا ... يوم الرحيل ولا لبا ولا كبدا
لا كأن أول من يسعى ببينكم ... لازال ما عاش قصي الدار منفردا
يقول صبرًا وما في الصبر من فرجٍ ... لذي الأسى يوم نادى والرحيل غدا
أنى وكيف يكون الصبر مسلاة ... وفي الحشا منه شوق يصدع الكبدا
قد كدت أتلف في يوم النوى خجلًا ... ودمع عيني على خدي مطردا
عهدي به وركاب البين سائرة ... وقد نفس من في الحي ثم حدا
فقلت هل تمكن المشتاق يا سكني ... مما يبوح بما يلقى إذا وجدا
فقال لي إن في الكتمان معذرة ... فقد شكا البث والأشواق والكمدا
ما في الفؤاد مكان يطمئن به ... سرورها هو ذا من وجده فقدا
قتل المحب حرام يوم ودع من ... يهوى ولم يكتسب صبرًا ولا جلدا
ومن ذلك:
لا تقبلن على حبيبٍ وأشيا ... وارحمه أن الحب قد أضناه
أترى له في النوم يا زين الورى ... طمعًا لعل الطيف أن يلقاه
عبث الأسى بفؤاده فأذابه ... وجفا المنام فما يزور كراه
ما عذب الله الجليل جلاله ... أحدًا بأعظم أن يطيل ضناه
صل يا محمد مدنفًا من حبكم ... فلقد تقطع بالهوى قلباه
هل من رسولٍ لي فيخبر بالذي ... ألقى من الأسواء وهو يراه
الله يعلم ما أجن من الأسى ... من هجر بدر لا أحب سواه
ومن ذلك:
أعرض عن غير ما اجترام ... من هو كالغصن في القوام
هذا على أنني كئيب ... أبكيه بالأدمع السجام
ماذا عليه فدته نفسي ... لو جاد بالوصل في الأنام
يعلم أن السلام فرض ... ويظهر البخل بالسلام
ما بال من قال لي تسلى ... وهل سلوٌ لمستهام
لا تك يا لائمي جهولًا ... فاللوم من أكبر الآثام
يقول لا تمتشط فإني ... أراك من أظرف الأنام
وإنما ألتقي دنوا ... من الغواني بلا احتشام
1 / 59