لكنه رفض الدنيا وزهرتها .... فقابلته صروف الدهر والقدر قال القاضي العلامة أحمد بن صالح بن أبي الرجال رضي الله عنه في مطلع البدور ومجمع البحور - عند ذكرها -: قلت: وهذا الإمام الممدوح، حري بأن تمدحه الملائكة والروح، كان من العلم بمحل لا يلحق، ومن الهداية في فلك لا يغيب نوره ولا يمحق، وأما علوم العربية فكان نسيج وحده، وله شرح على الموشح، وكان من الزهد والورع بمحل عظيم، وكانت بسطته على أكثر الأقاليم المتوسطة من اليمن، وكانت الحصون بيده فلما اطلع على أمور من الأمراء تقضي بها السياسة منع منها، فكان بها انحلال الحال، وأعظمها مسألة الرهائن، فإنه لم يرض بهم، وقال: {تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام:146]، وكان له كرامات.
وحكى قصة الظالم الذي اعترضه في طريق الحجاز، وأراد أخذ الحصان الذي يركب عليه الإمام، وكان مع الإمام جماعة من أصحابه الفضلاء، فرتبوا، فانتقم الله من ذلك الباغي وأخذه الورم فهلك.
قال: ولما حضرت الوفاة الإمام مجد الدين جعل وصيه الإمام شرف الدين، وأرسلوا للإمام شرف الدين بسجادته وشيئا من أعمال عبادته، فبكى الإمام شرف الدين كثيرا، وقال: لو علمت حال مجد الدين ما قمت هذا المقام، وكان للإمام مجد الدين في الأدب مع كمال رجاحته وفكرته حظ عجيب، وهذا ديدن أهل البيت المؤيدي عليهم السلام، انتهى كلامه.
وفي الدامغة قال السيد داود بن الهادي من شعره عليه السلام - أي الإمام شرف الدين - لأنيسه وجليسه السيد يحيى بن الحسن عليهم السلام، وقد توهم فيه الميل إلى ولده المطهر بن شرف الدين، وذلك في آخر مدته عليه السلام، وهي:
هذا العجاب وذاك العجب .... وذا الظرف يزهو وحسن الأدب
فأين شفاء كلام الكلام .... فخل المدام وخل الطرب
فواه لفعل أفاد السرور .... وفعل وترك أثار الكرب
Halaman 341