المبحث الثالث
ثقة المسلم بالله تعالى في التكفل بالرزق
ومن ثقة المسلم بالله تعالى أنه يثق أن الله ﷿ متكفل برزقه، وأن على الإنسان أن يأخذ بالأسباب التي تجلب الرزق، ويثق أن الله سيعطيه ما قدر له من رزق، ولن ينقص منه شيئًا.
١ - الدعوة إلى ثقة المسلم بالله في التكفل بالرزق:
لقد دلت الكثير من النصوص الشرعية على أهمية الثقة بالله في التكفل بالأرزاق، وأن جميع المخلوقين ضمن الله رزقهم قال الله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (١).
قال الطبري ﵀: «يعني تعالى ذكره بقوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾، وما تدب دابة في الأرض. و«الدابة» «الفاعلة»، من دبَّ فهو يدب، وهو دابٌّ، وهي دابة.
﴿إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ يقول: إلا ومن الله رزقها الذي يصل إليها، هو به متكفل، وذلك قوتها وغذاؤها وما به عيشها. قال مجاهد، في قوله: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ قال: ما جاءها من رزقٍ فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعًا، ولكن ما كان من رزقٍ فمن الله.
وقوله: ﴿يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا﴾ حيث تستقر فيه، وذلك مأواها الذي تأوي إليه ليلًا أو نهارًا ﴿وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ الموضع الذي يودعها، إما بموتها، فيه، أو دفنها.
وعن ابن عباس ﵄ قال: ﴿مُسْتَقَرَّهَا﴾ حيث تأوي ﴿وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾، حيث تموت» (٢).