فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾ (١).
ونبينا محمد ﷺ كان على ثقة كاملة بالله تعالى ولا أدل على ذلك ما كان في هجرته ﷺ من مكة إلى المدينة واختبائه بغار حراء، ومع قرب المشركين منه ﷺ يثق أن الله سينجيه منهم ويقول لأبي بكر ﵁: ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
فعن أنس بن مالك ﵁ أن أبا بكر الصديق ﵁ حدثه قال: «نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» (٢).
وقد نص الله تعالى على ذلك إذ قال ﷾: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (٣).
والثقة أيضًا صفة من صفات الأولياء الصادقين؛ قال يحيى بن معاذ ﵀: «ثلاث خصال من صفة الأولياء: الثقة بالله في كل شيء، والغنى به عن كل شيء، والرجوع إليه من كل شيء» (٤).