أمرهم به من دعاء قومهم إليه حتى حكم الله بينهم وبينهم ولا مبدل لكلمات الله ولا مغير لكلمات الله» (١).
وقال د. علي محمد الصلابي: «كان بناء الجماعة المؤمنة في الفترة المكية يتم بكل هدوء وتدرج وسرية، وكان شعار هذه المرحلة هو توجيه المولى ﷿ المتمثل في قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ (٢).
فالآية الكريمة تأمر النبي ﷺ بأن يصبر على تقصير وأخطاء المستجيبين لدعوته، وأن يصبر على كثرة تساؤلاتهم خاصة إن كانت خاطئة، وأن يصبر على ترددهم في قبول التوجيهات، وأن يجتهد في تصبيرهم على فتنة أعداء الدعوة، وأن يوضح لهم طبيعة طريق الدعوة، وأنها شاقة، وأن لا يغرر به مغرر ليبعده عنهم، وأن لا يسمع فيهم منتقصًا، ولا يطيع فيهم متكبرًا أغفل الله قلبه عن حقيقة الأمور وجوهرها» (٣).
قال د. علي محمد الصلابي: «لم يفتر المشركون عن أذى رسول الله ﷺ منذ أن صدع بدعوته إلى أن خرج من بين أظهرهم وأظهره الله عليهم، ويدل على ذلك مبلغ هذا الأذى تلك الآيات الكثيرة التي كانت تتنزل عليه في هذه الفترة تأمره بالصبر، وتدله على وسائله، وتنهاه عن الحزن، وتضرب له أمثلة من واقع إخوانه المرسلين مثل قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (٤). وقال سبحانه: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ (٥). وقال