الجزء الأول
الجزء الأول
إن أبلغ ما نطقت به البلغاء بادئ بدء (1)، وأفصح ما بدأت الفصحاء به الكلام أبدا، حمد الله الذي أنطق العرب بأعرب لسان، وشرف منهم النسب بأشرف إنسان، وأحل العربية من اللغات محل الغرة من الجبين، ورفع منارها بنسبة كتابه العربي المبين، وجعل الفصاحة ضوءا لا يعلق إلا بذبالة مصباحها، والبلاغة نورا لا يشرق إلا بإنارة إصباحها. والصلاة والسلام على نبيه الناطق بأفصح اللغات، وأرجح البلاغات؛ المنتخب من سلالة الكرم، وسرارة الحرم، وصميم النسب، ومصاص الحسب، وأرومة المجد، وهامة الشرف النجد؛ عصمة المتوسلين، وسيد الأنبياء والمرسلين، عبده ورسوله الذي أهدأ ببعثته كل مضطرب، أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صلى الله عليه وعلى آله الهادين، والخلفاء الحنفاء الراشدين.
Halaman 5
أما بعد: فيقول العبد الفقير إلى ربه الغني، علي صدر الدين الحسيني الحسني، أسنى الله له جوائز فضله السني: هذا كتاب جمعت فيه من لسان العرب، ما يحظى منه بارتشاف الضرب، وأحرزت فيه من غريب القرآن والأثر، ما يرضى منه صدق العين والأثر، وأضفت إلى ذلك من بيان مجازات الكلام، ومصطلحات العلماء الأعلام، وأمثال العرب العرباء، ونفاثات سقاة الألبان والألباء، ما لا يستغني عنه الفضلاء في مدارسهم، والأدباء في مجالسهم، والخطباء في مقاماتهم، والشعراء في كلماتهم، وأمليته حاويا للفصيح، والثابت الصحيح، والآحاد والمتواتر، والشوارد والنوادر، معتمدا في النقل على الكتب المشهورة، وأمهات الزبر المأثورة، مع الأخذ بالثقة في البيان والتعريف، والتحرز في الضبط عن التصحيف والتحريف، غير متكل على النقل دون النقد، إلا ما أجمع عليه أهل الحل والعقد.
فإن هذه اللغة الشريفة التي رفع الله مقدارها، وجعل على ألسنة خيرته من خلقه مدارها، لم تكن تؤخذ إلا بالسماع والتلقين، أو الرواية الوافية ببلج الحق وثلج اليقين، وعلى هذا جرى السلف من العلماء في سالف الدهر، فجنوا من رياضها يانع الثمر ونافح الزهر، وما كانوا ليتكلوا على ما في بطن صحيفة ومتن مجلة، ما لم يشافهوا به الجهابذ من المشايخ الجلة، ثم طمست آثار تلك الأعلام، وعمت سبل الهدى غاشية الظلام، وحار طرف الدليل، وطاح صوت الحادي، وأمسى الخريت ينادي: إنه الليل وأضواج الوادي؛ فلم يبق إلا الرجوع الى ما أودعه العلماء في بطون الدفاتر، والنهوض الى الاقتباس منها بعزم غير فاتر، وإذ قد تعذر الاستفهام عند الاستبهام، والحصول على الصواب، بالسؤال والجواب.
Halaman 6
فمن اللازم للبيب الحازم، أن يتثبت في المداحض والمزال، ويتعمق في الميز بين الراجح والزال، وأن لا يأمن غائلة التعجيل، بالمبادرة إلى الإثبات والتسجيل، حتى يتقصى في الاستقراء، لا سيما عند التصنيف والإقراء، فمن جمد على ما وجد في كتاب، فقد استهدف لنبل اللوم وسهام العتاب، وكأين ممن صنف وألف، وكلف نفسه من كلفة الإفادة ما كلف، ما زاد على أن ملأ المزاد، بما وجد ورأى، وأكثب ونأى، ولم يدر أخطأ أم أصاب، وجنى الشهد أم الصاب؟ فهو حاطب ليل، وخاطب ويب وويل.
وإني لأعجب من المجد الفيروز آبادي، وهو المتسم بالإمامة في معرفة اللسان الضادي؛ إذ صنف قاموسه، وشنف قابوسه، وتصدى للتنبيه على أغلاط الجوهري في صحاحه، وخاض في غمر التشنيع عليه وضحضاحه، زاعما أنه لم يقصد بذلك مراء، ولا تنديدا به وإزراء، بل استيضاحا للصواب، واسترباحا للثواب، وحذرا من أن ينمى إليه التصحيف، أو يعزى إليه الغلط والتحريف، كيف خالف قوله فعله، وزلت بقدمه نعله؟! فوقع من الأغلاط والأوهام، فيما تحار فيه ثواقب الأفهام، ومن التصحيف والتحريف، والغلط في مسائل النحو والتصريف، فيما لا يكاد يقضى منه العجب، ولا تنقضي عن طرفيه جمادى ورجب، كما ستقف عليه في أثناء الكتاب مفصلا، وتجده في أطوائه إن شاء الله تعالى محصلا.
على أن ما تتبع به كلام الجوهري وتعقب، ونقر عنه بزعمه ونقب، أكثره مسبوق إليه، ومدخول فيه عليه، وكأنه حين أخذ يتبجح، ويترنح عجبا ويترجح، قد تمسك من العصمة بسبب، وأمن الهوي من الخطأ في صبب، وما علم أن للعجب آفة، والعاسف طريقه لا يأمن المخافة.
ولعل بعض من يصغي إلى هذا المقال، من متعصب أو حاسد أو قال، ينسبني فيه إلى العول، ويرميني بالهجر من القول، ظنا منه أن القاموس بحر لا تخاض لججه، ولا تقاض براهينه وحججه، ومن يعارض صاحب القاموس فإنما يقامس حوتا، ويحاول بطلا عن الحق مسحوتا.
Halaman 7
وهيهات، إن الكتاب الذي لا ريب فيه إنما هو كتاب الله الذي لا يضل مقتفيه، وما سواه فهو مظنة للاختلاف وإن كان لذي العلم أثيرا، بنص: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (1)، والحق أحق بالاتباع، ولا يتطاول عليه إلا قصير الباع، فلا يغرنك من سقط به جهله وهوى، وإياك والتمادي في أضاليل الهوى.
وإني في تأليفي لهذا الكتاب وتصنيفه، وتقريطي للسمع بدره وتشنيفه، لمعترف حقا والصدق منجاة، بأن المستبضع مقل والبضاعة مزجاة، غير أني أرجو السداد فيما اقتطفت واقتطعت، ولا أريد إلا الإصلاح ما استطعت، ثم لا بدع إن برز النزر على الجم، تبريز الرامح على الأجم، فللطش من نقع العطش ما ليس لليم الزاخر اللهم.
Halaman 8
على أنك أيها الفطن الألمعي، واللقن اللوذعي، إذا وعيت ما أوعبت (2)، وفليت ما أمليت، رأيته قد حوى ما لم تحوه البحور المحيطة، وخيطت شواكله على ما خلت عنه المهارق البسيطة؛ فالجمهرة (3) وإن كانت البحر الخضم، لم تشتمل على ما اشتمل عليه وانضم، والصحاح (4) على صحة روايته، لم يحل ببلاغة معجز آيته، والمحكم (5) على إحكام نصوصه، لم ينطو على عيونه وفصوصه، والعباب (1) على تلاطم أمواجه، لم يحتو على أفراد دره وأزواجه، والتهذيب (2) على خلاصته ونقاوته، لم يفز ببهجته وطلاوته، والمجمل (3) على إجماله وإيجازه، لم يحرز تفصيل حقيقته ومجازه، ولسان العرب (4) على جمعه وإحصائه، لم يحصل على حسن انتحائه وانتصائه، والقاموس (5) على سعة باحته، لم يحظ بعذوبته وملاحته.
ولا أدعي له الإنافة على هذه الكتب المنيفة في الإحسان، والزبر التي هي أساطين اللغة وقوانين اللسان، إلا بحسن الانتقاء والانتقاد، وتمييز النقادة من النقاد، وإيراد ما يروق ويحسن، وتستعذب جنى عذباته الألسن، إلى غير ذلك من النكت والملح، ونخب الموضوع والمصطلح، مع التقصي في البيان والتبيين، والتحري في التخصيص والتعيين ، ورعاية المناسبة في سوق الكلمات، بين معانيها الملتئمات.
Halaman 9
ثم إذا افتقر لفظ إلى شكله، مثلته بآخر من شكله، ومتى احتاج إلى إثبات في كشفه وفسره، شددت أسره وفككت من أسره، وكل ذلك مما يهدي إلى المراشد، ويدل على ضالة الناشد.
وأما ما يخص الكتاب والأثر، مما لا يقال فيه الفهم إن عثر، فإني أكشف من ألفاظه ما غرب واستبهم، وأبين من أغراضه ما أهم وأوهم، ولا أقنع في حل معتاصه، بذكره عموما دون اختصاصه، ليناله الطالب بأدنى إلمام؛ إذ كان موضوعا على حبل الذراع وطرف الثمام.
وقد سلكت في ترتيبه الطريق المأنوس، الذي رتب عليه الصحاح والقاموس، وهو أشهر الترتيب تداولا، وأسهله عند الطلب تناولا، وأما طريقة تحريره، وأسلوب تقريره، فإني أبدأ الفصل من الباب، باللغة العامة ثم الخاصة بالكتاب، ثم أجيء على الأثر بالأثر، ثم بالمصطلح فالمثل، هذا إذا اشترك الجميع في المادة، واشتبك في سلوك تلك الجادة، وإلا ذكرت ما اتفق؛ انفرد أو ارتفق، غير آل فيما قصدت جهدا، ولا مقصر عما أردت زهدا، على أني لا أبيعه بشرط البراءة من كل عيب، فقد أبى الله أن يصح إلا كتابه المبرأ من الريب.
وإذا من الله بإتمامه وتطول، سميته «الطراز الأول»؛ إذ كان أول مصنف جمع هذا الجمع، فراق الأبصار وشنف السمع، وإلى الله أرغب أن ينفع به كل راغب، ويقمع عنه عنت كل مشاغب؛ فلست آمن من حاسد يقلب لي ظهر المجن، ويرميني بسوء الوهم والظن، وإذا كانت الأعمال بالنيات، والجزاء على حسب الطويات، فحسب كل عامل ما نوى، ولا أعبأ بمن ينطق عن الهوى. ومن الله سبحانه أستمد في العلم والعمل، وبكرمه أستعد لنجاح السؤل وبلوغ الأمل، وعليه قصد السبيل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
Halaman 10
مقدمة
اللغة: أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. وهل هي وحي، أو إلهام، أو اصطلاح؟ خلاف (1). وقال أبو علي (2): هي من عند الله سبحانه لا محالة (3). والطريق إلى معرفتها النقل تواترا، أو آحادا.
ولغة العرب نوعان:
أحدهما: عربية حمير، وهي التي تكلموا بها من عهد هود ومن قبله، وبقي بعضها (4) إلى اليوم.
وثانيهما: العربية المحضة التي نزل بها القرآن، وأول من أطلق لسانه بها إسماعيل بن إبراهيم الخليل 8.
وهي أوسع اللغات مذهبا، وأكثرها ألفاظا، ولا يحيط بها من الناس إلا نبي (5)، أو وصي نبي، ولعل الموجود منها دون ما ذهب بذهاب أهله، والله أعلم.
Halaman 11
باب الهمزة
Halaman 13
باب الهمزة
أجمع أهل اللغة على الابتداء بالهمزة، إلا من شذ، كالخليل بن أحمد في كتاب العين، وابن سيده في المحكم؛ فإنهما بدءا بالعين.
قال المفضل (1): ذكر الخليل بن أحمد أنه بدأ بالعين؛ لأنها أقصى الحروف مخرجا، والذي ذكره سيبويه أن الهمزة أقصى الحروف مخرجا (2)، فكان الابتداء بها أنسب.
وقيل: الابتداء بها أمر اتفاقي عادي.
فصل الهمزة
[أبأ]
الأباء، كسحاب: الأجم، أو من الحلفاء والقصب خاصة، ثم أطلق على القصب نفسه؛ كإطلاق الوشيج على الرماح، وهو في الأصل شجرة (3) أو عروقها. الواحدة: أباءة.
Halaman 15
قال الفيروز ابادي: هذا موضع ذكره كما حكاه ابن جني (1) عن سيبويه، لا المعتل كما توهمه الجوهري وغيره. انتهى.
ولم يتوهم الجوهري ولا غيره، بل رأوه من الإباء بمعنى الامتناع، تفاديا من جعله من باب سلس؛ لقلته (2)، وخاصة إذا كانت الفاء واللام همزة مع ثقلها، واسم الجنس إذا صح فيه اشتقاق حمل عليه (3).
قال الرضي وغيره: قالوا أصل أباءة أباية وإن لم يسمع؛ لأن فيها معنى الإباء، وهو الامتناع؛ لامتناعها من السلوك بما ينبت فيها من القصب وغيره (4).
ومن العجيب أن الفيروز ابادي ذكره في المعتل أيضا، قائلا: هو الأجمة من الحلفاء؛ لأن الأجمة تمنع، والقصب، وموضعه المهموز. انتهى.
Halaman 16
وهو ظاهر التناقض؛ فإن قوله: «لأن الأجمة تمنع» يقتضي أنها من الإباء، فهي معتلة كما ذهب إليه الجمهور، وهو يناقض قوله: («وموضعه المهموز»، وقوله) (1) هنا: «هذا موضع ذكره لا المعتل». فإن زعم أن المهموز هو الذي بمعنى القصب دون الذي بمعنى الأجمة فقد وهم في الفرق بينهما، ولا قائل به، فكان المتوهم هو لا غيره.
وهذه أول غلطاته، وبدء فرطاته، عفا الله عنه .
أتأ
أتأة، كهضبة: اسم علم، حكاه أبو علي عن محمد بن حبيب (2).
وقال غيره (3): اسم لامرأة من بكر بن وائل، وهي أم قيس بن ضرار.
أثأ
الأثئية، كالأثفية زنة ومعنى، وهي الجماعة الكثيفة.
وأصبح مؤتثئا كمصطبح أي لا يشتهي الطعام، والهمزة فيهما منقلبة عن واو.
وأثأته بسهم إثاءة كأبحته إباحة أي رميته به؛ موضعه «ث وأ» (كما أورده الفارابي في ديوان الادب) (4) لا هنا كما توهمه الفيروز ابادي تبعا لأبي عبيدة (5)، ولا «ث أث أ» كما توهمه الجوهري.
Halaman 17
أجأ
أجأ، كنشأ: فر وهرب.
وأجأ، كسبإ: أحد جبلي طيئ، والآخر: سلمى كسكرى وهما شرقي المدينة بينهما وبين فدك ليلة، سميا باسم رجل وامرأة من العماليق تعاشقا، فخافا قومهما فهربا، فتبعوهما فلحقوهما على الجبلين، فقتلوهما بهما، فسميا باسميهما، وهو مذكر، وتأنيثه في قول امرئ القيس:
أبت أجأ أن تسلم العام جارها (1)
على تقدير: أبت سكانه.
وأجاءة، كسحابة: جبل لبني بدر بن عقال، فيه بيوت في متن الجبل، ومنازل في أعلاه.
أذأ
أذأته إلى كذا، كمنعته: ألجأته.
أزأ
أزأ عنه، كمنع: نكص وجبن ..
والغنم: أشبعها، وأصله: وزأ، أو أزا، فقلبت الواو همزة.
أشأ
الأشاء، كسحاب: صغار النخل (2)، واحدته بهاء؛ وهمزته عند سيبويه أصلية (3)، وعند الجمهور منقلبة عن واو أو ياء؛ لقلة باب أجأ، ولتصغيره على أشي، ولهذا لم يذكروه إلا في المعتل.
Halaman 18
وتوهيم الفيروز ابادي للجوهري في ذكره هناك تعنت، على أنه تابعه عليه، فأعاد ذكره ثمة غير منبه عليه.
ووادي أشي، كقصي بالتصغير: واد باليمامة.
والأشاءة، كسحابة: موضع ببطن الرمة.
وبنو أشاءة: بطن من كندة، نسبوا إلى أمهم أشاءة؛ وهي أمة من حضرموت.
[ألأ]
الألاء، كسحاب ويقصر: شجر مر الطعم، حسن المنظر؛ لأنه دائم الخضرة، واحدته بهاء. وهمزته أصلية عند سيبويه؛ قال في كتابه: وأما ألاءة وأشاءة فتصغيرهما أليئة وأشيئة؛ لأن هذه الهمزة ليست مبدلة، ولو كانت كذلك لكان الحرف خليقا أن يقولوا فيه: ألاية، كما قالوا في عباءة: عباية، وفي صلاءة: صلاية، فليس له شاهد من الياء والواو، فإذا كان كذلك فهو عندهم مهموز [ولا يخرجها] إلا بأمر واضح (1).
وذكره الجمهور في المعتل، كأنهم رأوه مشتقا من ألا يألو، أي قصر [كأنه قصر] (2) في طعمه مع حسن منظره، وهو كرأي بعضهم في الألوة أنها مشتقة من ذلك، كأنها لا تألو ريحا وذكاء عرف.
ونص صاحب جامع اللغة على أنه واوي ويائي؛ وقالوا: سقاء مألوء، ومألو، ومألي بالهمز والواو والياء إذا كان مدبوغا به.
وألاءة، كسحابة: بطن من أزد شنوءة.
أوأ
آء، كباب: ثمر السرح، وشجر، أو نجم؛ لقول الأزهري: لا ساق له (3).
واحدته: آءة، وأصلها: أوءة، كسوءة.
Halaman 19
قال سيبويه: إذا أشكلت عليك الألف في موضع العين فاحملها على الواو، لأن الأجوف أكثر (1)، فتصغيرها: أويئة.
والأخفش يحملها على الياء؛ لأنها أخف، فيقول: أييئة (2).
وأديم موءوء، كموجود (3): مدبوغ به، وأصله: مأووء، بهمزتين.
وآء: زجر للإبل، وحكاية الأصوات؛ قال:
بالليل يسمع في حافاته آء (4)
أيأ
الأيئة: لغة في الهيئة؛ أبدلت الهاء همزة، كما قالوا في هيهات: أيهات.
فصل الباء
بأبأ
بأبأ الرجل، وتبأبأ: أسرع وعدا.
وبأبأته، وبه بأبأة، وبئباء: قلت له بأبي أنت وأمي.
Halaman 20
قال ابن جني: الباء من قولك بأبي أنت، حرف جر، فإذا اشتققت منه فعلا اشتقاقا صوتيا استحال ذلك التقدير، فقلت: بأبأت به بئباء، وقد أكثرت من البأبأة، فالباء الآن في تقدير الأصل وإن كنا قد علمنا أنها فيما اشتقت منه زائدة للجر، فالبئباء على هذا فعلال كالزلزال، والبأبأة فعللة كالقلقلة (1).
وفي نوادر أبي زيد: قال العنبريون: بأبأ الصبي أباه، وبأبأه أبوه: قال له: يا بابا (2).
وفي نوادر أبي عمرو الشيباني: قال أبو زياد: سمعت بأبأة التيس، يريد صوته ونبيبه (3).
والبؤبؤ، كهدهد: أصل الشيء، ووسطه ومنه: هو في بؤبؤ المجد، أي مصاصه وخالصه والسيد الظريف، والكيس الخفيف، وهي بهاء، وإنسان العين، ورأس المكحلة، وبدن الجرادة، والرجل العالم، كالبؤبوء، والبأباء، كسرسور وصلصال.
وهو ابن بؤبوء (4) هذا الأمر: عالم به خبير.
بتأ وبثأ
بتأ بالمكان، كمنع: أقام؛ قال في الجمهرة: وليس بالثبت (5)، ومثله بثأ بالمثلثة.
بدأ
بدأ الله الخلق بدءا، كمنع: خلقهم، كأبدأهم ، ومنه: اسمه تعالى: المبدئ ..
والشيء: حدث ..
وبه (6): فعله ابتداء، كابتدأ به.
وأبدأه: أحدثه.
وهو بدء قومه، كفلس: سيدهم ومقدمهم. الجمع: بدوء، كفلوس.
وهم بدأة قومهم، كهضبة: لخيارهم.
وبدأ يفعل كذا: أنشأ.
Halaman 21
وبدأت البئر: احتفرتها، فهي (1) بديء (2) كبديع، وبدء كفلس.
وشيء بديء: لم يعهد قبل، ومنه: أمر بديء، أي عجيب.
وكان الله بديئا: أولا قبل كل شيء، ومنه: اسمه تعالى البديء، أو هو بمعنى المبدئ.
وأبدأ من أرض إلى أخرى: خرج.
ومن أين بدأت وأبدأت؟: من أين كان ابتداء خروجك؟
وكان ذلك في بدء الإسلام: أوله.
ولك البدء، والبدأة وتضم، والبداءة بالمد مثلثة، والبديئة كبديعة، والبداءة كتفاحة، أي لك أن تبدأ قبل غيرك في الرمي وغيره.
والبداية كهداية عامية، أو لغة أنصارية؛ فإنهم يقولون: بدينا بكسر الدال أي بدأنا.
Halaman 22
وافعل هذا بادئ بدء كفلس، وبادئ بديء كبديع، وبادئ بدئ ككتف، وبدء بدء كفلس فيهما، وبدأة بدأة كضربة ضربة؛ كل ذلك بإضافة الأول إلى الثاني والهمز فيهما، وبدء ذي بدء كفلس فيهما، وبدء ذي بداءة كفلس وسحابة، وبدء ذي بدأة كضرب ذي ضربة، وبدأة ذي بدء كضربة ذي ضرب، وبدأة ذي بدأة كضربة فيهما، وبديء ذي بديء كبديع فيهما، وبدأة بدأة بالبناء كصحرة بحرة؛ والكلمتان في كل ذلك بالهمز، وبادي بديء كبديع، وبادي بداء كسحاب، وبادي بدء كفلس بسكون ياء الأول بعد القلب تخفيفا في الثلاث وهمز الثاني فيهن، وبادي بدي بياء ساكنة فيهما، وبادي بدا كقالي قلا، وبادي بدي كوادي علي، وبادي بد بسكون ياء الأول وحذف لام الثاني كيد، وافعله بديئا كبديع وبدءا، وأول بدء، كفلس بالهمز فيهما: كل ذلك بمعنى افعله مبتدئا به أول كل شيء.
وبادئ الرأي: أوله.
وفعل ذلك عوده على بدئه، وفي عوده وبدئه، وفي عودته وبدأته، وعودا وبدءا، وعودا على بدء، أي مرة بعد أخرى بلا فصل.
ورجع عوده على بدئه، وعودا على بدء، أي في الطريق الذي جاء منها، أو لم يقطع ذهابه حتى وصله برجوعه.
والبدء، كفلس: السيد والشاب العاقلان، واللبيب، والداهية، والقطعة الوافرة من اللحم، والنصيب من الجزور، كالبدأة كهضبة أو خير أعضائها. الجمع: أبداء، وبدوء.
والبدأة، كهضبة: النصيب المبدوء به في القسمة.
ويقال: اكتريت للبدأة بكذا، وللرجعة بكذا، وأنت في بدأتك أحسن حالا منك في رجعتك، أي في أول أمرك.
وهاتها من ذي تبدأت (1)، أي أعد القصة من أولها، و«ذو» فيه بمعنى صاحب، ويأتي بيانه في «ذو».
وكان ذلك في مبدء الأمر ويضم، ومبتدئه، وفي بدأته مثلثة، وفي بدأته محركة: في أوله.
وبدئ الغلام، بالمجهول: أصابته الحصبة، أو الجدري، فهو مبدوء.
وبنو بداء، كعباس: بطن من سعد العشيرة.
الكتاب
Halaman 23
(كما بدأنا أول خلق نعيده) (2) أي نعيد أول الخلق كما أحدثناه؛ تشبيها للإعادة بالابتداء في تناول القدرة لهما على السواء. وأول الخلق: الخلائق الأولون، لا أول الأفراد المخلوقة كما يتماثل ظاهرا.
(وما يبدئ الباطل وما يعيد) (1) أي هلك الشرك بالمرة؛ من قولهم في هلاك الحي: لا يبدئ ولا يعيد؛ لأن (الحي إما أن يبدئ فعلا أي ينشئه أو يعيده، فإذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة، فجعل مثلا في الهلاك بالمرة).
الأثر
(نفل في البدأة الربع، وفي الرجعة الثلث) (2) أي ابتداء الغزو، يعني كان إذا نهضت سرية من العسكر السائر إلى العدو فأوقعت به أعطاها الربع مما غنمت، وإذا فعلت ذلك عند رجوعهم أعطاها الثلث؛ لأن الرجعة أشق؛ لضعف الظهر والعدة والفتور وفرط الشوق إلى الوطن والأهل، فزاد ذلك.
(إنما فرق بينهم مبادئ طينهم) (3) جمع مبدإ، بمعنى السبب والعلة، وهو إشارة إلى السبب المادي؛ لاختلاف الناس في الصور والأخلاق؛ إذ كانت طينهم وهي جمع طينة مجموعة من حزن الأرض وسهلها، وعذبها وسبخها.
وقيل: هي كناية عن النفوس، المدبرة للأبدان؛ فالمبادئ: النفوس، والطين: الأبدان، وهو إشارة إلى اختلاف ماهيات النفوس في الزكاء والخبث والعفة والفجور، إلى غير ذلك.
وفيه: (ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا) (4) أي أولا، يعني العجم والموالي.
وفيه: (ابتدأ بدء الأمور بيده) (5) أي أحدث أوائل الأمور بقدرته.
Halaman 24
وفيه: (سبق الابتداء أزله) (1) أي سبق عدم أوليته وابتدائه ، إبتداء وجود ماله وجود من الممكنات؛ لأن الأزل عبارة عن عدم الأولية والابتداء.
(بدايا خلق أحكم صنعها) (2) جمع بديئة بالهمز كخطيئة وخطايا بمعنى عجيبة، أي عجائب مخلوقات أتقن صنعها.
المصطلح
المبدأ الأول: هو الله سبحانه وتعالى، وهو بمعنى السبب؛ إذ كان تعالى هو السبب الأول في وجود الممكنات، ومنه ابتداؤها.
والمبدأ القريب: هو الفاعل المؤثر بلا واسطة.
ومبادئ الأمور: أسبابها وعللها.
ومبدأ الشيء: ما يتركب منه، وما منه يكون؛ فالحروف مبدأ الكلم، والنواة مبدأ النخل.
ومبادئ المطالب: ما يؤدي إليها وينتقل عنها إلى المطالب، وهي الأمور المعلومة التي يرتبها الفكر؛ ليتأدى بها إلى المجهولة.
ومبادئ العلم: ما يبدأ به قبل المقصود لذاته؛ لتوقف ذات المقصود عليه.
والمبدئية عند الصوفية: إضافة محضة تلي الأحدية؛ باعتبار تقدم الحضرة الأحدية على الحضرة الواحدية التي هي منشأ التعينات والنسب الأسمائية والصفاتية، والإضافات اعتبارات عقلية.
ومبادئ النهايات عندهم: هي فروض العبادات، أي الصلاة والزكاة والصوم والحج؛ لأنها وضعت للتوصل بها إلى قربه تعالى ورضاه.
Halaman 25
والابتداء في عرف النحاة: تجريد الاسم عن العوامل؛ لإسناده إلى شيء.
وقيل: جعل الاسم في صدر الكلام تحقيقا أو تقديرا؛ للإسناد إليه، أو لإسناده ..
وفي العروض: هو أول جزء من المصراع الثاني.
والابتداء العرفي: جعل الشيء قبل المقصود، فيتناول الحمدلة بعد البسملة.
والمبتدأ في النحو: هو الاسم المجرد عن عامل لفظي مسندا إليه؛ نحو: زيد قائم، أو الصفة بعد نفي أو استفهام رافعة لظاهر أو ضمير منفصل؛ نحو: أقائم الزيدان؟ أو أقاعد أنتما؟
بذأ
بذؤ كقرب، ويثلث بذاء، وبذاءة، بمدهما: سفه وأفحش في منطقه، فهو بذيء.
وباذأه بذاء، ومباذأة: فاحشه، ومنه قول الشعبي: (إذا عظمت الحلقة إنما هي بذاء ونجاء) (1) أي مباذأة ومناجاة.
وبذأه، كمنعه: عابه وكرهه، ويقال: أتيت أرضا بذأتها، أي كرهتها ولم أحمد مرعاها.
وبذأته عيني: ازدرته واستخفت به.
وأرض بذئة، ككلمة: لا مرعى فيها.
برأ
برأ الله الخليقة كمنع برءا، وبروءا: خلقها، فهو البارئ.
وبرئ المريض مثلثة برءا بالضم ويفتح، وبروءا: صح، فهو بارئ، وبريء ..
Halaman 26