266

Perubatan Nabawi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Penerbit

دار الهلال

Nombor Edisi

-

Lokasi Penerbit

بيروت

وقد خفي على جاهل الْأَطِبَّاءِ نَفْعُهُ مِنْ وَجَعِ ذَاتِ الْجَنْبِ، فَأَنْكَرُوهُ، وَلَوْ ظَفِرَ هَذَا الْجَاهِلُ بِهَذَا النَّقْلِ عَنْ جالينوس لنزله مَنْزِلَةَ النَّصِّ، كَيْفَ وَقَدْ نَصَّ كَثِيرٌ مِنَ الْأَطِبَّاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْقُسْطَ يَصْلُحُ لِلنَّوْعِ الْبَلْغَمِيِّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ، ذَكَرَهُ الخطابي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ طِبَّ الْأَطِبَّاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى طِبِّ الْأَنْبِيَاءِ أَقَلُّ مِنْ نِسْبَةِ طِبِّ الطُّرُقِيَّةِ وَالْعَجَائِزِ إِلَى طِبِّ الْأَطِبَّاءِ، وَأَنَّ بَيْنَ مَا يُلْقَى بِالْوَحْيِ، وَبَيْنَ مَا يُلْقَى بِالتَّجْرِبَةِ، وَالْقِيَاسِ مِنَ الْفَرْقِ أَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ الْقَدَمِ وَالْفَرْقِ.
وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالَ وَجَدُوا دَوَاءً مَنْصُوصًا عَنْ بَعْضِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ مِنَ الْأَطِبَّاءِ، لَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ، وَلَمْ يَتَوَقَّفُوا عَلَى تَجْرِبَتِهِ.
نَعَمْ نَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّ لِلْعَادَةِ تَأْثِيرًا فِي الِانْتِفَاعِ بِالدَّوَاءِ وَعَدَمِهِ، فَمَنِ اعْتَادَ دَوَاءً وَغِذَاءً، كَانَ أَنْفَعَ لَهُ، وَأَوْفَقَ مِمَّنْ لَمْ يَعْتَدْهُ، بَلْ رُبَّمَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ.
وَكَلَامُ فُضَلَاءِ الْأَطِبَّاءِ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا، فَهُوَ بِحَسَبِ الْأَمْزِجَةِ وَالْأَزْمِنَةِ، وَالْأَمَاكِنِ وَالْعَوَائِدِ، وَإِذَا كَانَ التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي كَلَامِهِمْ وَمَعَارِفِهِمْ، فَكَيْفَ يَقْدَحُ فِي كَلَامِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، وَلَكِنَّ نُفُوسَ الْبَشَرِ مُرَكَّبَةٌ عَلَى الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، إِلَّا مَنْ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِرُوحِ الْإِيمَانِ، وَنَوَّرَ بَصِيرَتَهُ بِنُورِ الْهُدَى.
قصب السّكر: جَاءَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْحَوْضِ «مَاؤُهُ، أَحْلَى مِنَ السُّكَّرِ» «١»، وَلَا أَعْرِفُ السُّكَّرَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالسُّكَّرُ حَادِثٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ مُتَقَدِّمُو الْأَطِبَّاءِ، وَلَا كَانُوا يَعْرِفُونَهُ، وَلَا يَصِفُونَهُ فِي الْأَشْرِبَةِ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُونَ الْعَسَلَ، وَيُدْخِلُونَهُ فِي الْأَدْوِيَةِ، وَقَصَبُ السكر حار رطب ينفع من السّعال، ويجلوا الرُّطُوبَةَ وَالْمَثَانَةَ، وَقَصَبَةَ الرِّئَةِ، وَهُوَ أَشَدُّ تَلْيِينًا من

(١) في مسلم والترمذي بلفظ: «أحلى من العسل» بدلا من «أحلى من السكر» .

1 / 268