20

Perubatan Nabawi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Penerbit

دار الهلال

Nombor Edisi

-

Lokasi Penerbit

بيروت

وَمَرَضِيَّةٌ: وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، وَهِيَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي مَادَّةٍ أُولَى، ثُمَّ مِنْهَا يُسَخَّنُ جَمِيعُ الْبَدَنِ، فَإِنْ كَانَ مَبْدَأُ تَعَلُّقِهَا بِالرُّوحِ سُمِّيَتْ حُمَّى يَوْمٍ، لِأَنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَزُولُ فِي يَوْمٍ، وَنِهَايَتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ مَبْدَأُ تَعَلُّقِهَا بِالْأَخْلَاطِ سُمِّيَتْ عَفَنِيَّةً، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أصناف: صفراوية، وسوداوية، بلغمية، وَدَمَوِيَّةٌ. وَإِنْ كَانَ مَبْدَأُ تَعَلُّقِهَا بِالْأَعْضَاءِ الصُّلْبَةِ الْأَصْلِيَّةِ، سُمِّيَتْ حُمَّى دِقٍّ، وَتَحْتَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ أَصْنَافٌ كَثِيرَةٌ. وَقَدْ يَنْتَفِعُ الْبَدَنُ بِالْحُمَّى انْتِفَاعًا عَظِيمًا لَا يَبْلُغُهُ الدَّوَاءُ، وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ حُمَّى يَوْمٍ، وَحُمَّى الْعَفَنِ سَبَبًا لِإِنْضَاجِ مَوَادَّ غَلِيظَةٍ لَمْ تَكُنْ تَنْضَجُ بِدُونِهَا، وَسَبَبًا لِتَفَتُّحِ سُدَدٍ لَمْ يَكُنْ تَصِلُ إِلَيْهَا الْأَدْوِيَةُ الْمُفَتِّحَةُ. وأما الرمد الحديث والمتقادم، فإنها تبرىء أكثر أنواعه برآ عَجِيبًا سَرِيعًا، وَتَنْفَعُ مِنَ الْفَالِجِ، وَاللِّقْوَةِ «١»، وَالتَّشَنُّجِ الأمتلائي، وكثيرا مِنَ الْأَمْرَاضِ الْحَادِثَةِ عَنِ الْفُضُولِ الْغَلِيظَةِ. وَقَالَ لِي بَعْضُ فُضَلَاءِ الْأَطِبَّاءِ: إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَمْرَاضِ نَسْتَبْشِرُ فِيهَا بِالْحُمَّى، كَمَا يَسْتَبْشِرُ الْمَرِيضُ بِالْعَافِيَةِ، فَتَكُونُ الْحُمَّى فِيهِ أَنْفَعَ مِنْ شُرْبِ الدَّوَاءِ بِكَثِيرٍ، فَإِنَّهَا تُنْضِجُ مِنَ الْأَخْلَاطِ وَالْمَوَادِّ الْفَاسِدَةِ مَا يَضُرُّ بِالْبَدَنِ، فَإِذَا أَنْضَجَتْهَا صَادَفَهَا الدَّوَاءُ مُتَهَيِّئَةً لِلْخُرُوجِ بِنِضَاجِهَا، فَأَخْرَجَهَا، فَكَانَتْ سَبَبًا لِلشِّفَاءِ. وَإِذَا عُرِفَ هَذَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْحَدِيثِ مِنْ أَقْسَامِ الْحُمِّيَاتِ الْعَرَضِيَّةِ، فَإِنِّهَا تَسْكُنُ عَلَى الْمَكَانِ بِالِانْغِمَاسِ فِي الْمَاءِ الْبَارِدِ، وَسَقْيِ الْمَاءِ الْبَارِدِ الْمَثْلُوجِ، وَلَا يَحْتَاجُ صَاحِبُهَا مَعَ ذَلِكَ إِلَى عِلَاجٍ آخَرَ، فَإِنِّهَا مُجَرَّدُ كَيْفِيَّةٍ حَارَّةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالرُّوحِ، فَيَكْفِي فِي زَوَالِهَا مُجَرَّدُ وُصُولِ كَيْفِيَّةٍ بَارِدَةٍ تُسَكِّنُهَا، وَتُخْمِدُ لَهَبَهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى اسْتِفْرَاغِ مَادَّةٍ، أَوِ انْتِظَارِ نُضْجٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْحُمِّيَاتِ، وَقَدِ اعْتَرَفَ فَاضِلُ الْأَطِبَّاءِ جالينوس: بِأَنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ يَنْفَعُ فِيهَا، قَالَ فِي الْمَقَالَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ كِتَابِ «حِيلَةِ الْبُرْءِ»: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا شَابَّا حَسَنَ اللَّحْمِ، خِصْبَ الْبَدَنِ فِي وَقْتِ الْقَيْظِ، وَفِي وَقْتِ مُنْتَهَى الْحُمَّى، وَلَيْسَ فِي أَحْشَائِهِ وَرَمٌ، اسْتَحَمَّ بِمَاءٍ بَارِدٍ، أو سبح فيه، لا نتفع بذلك. قال: ونحن نأمر بذلك بلا توقف.

(١) داء يكون في الوجه يعوج منه الشدق

1 / 22