Perubatan Nabawi
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Penerbit
دار الهلال
Nombor Edisi
-
Lokasi Penerbit
بيروت
حَرَارَتِهِ أَقَلُّ مِنْهُ عِنْدَ بُرُودَتِهِ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَامِعَ إِذَا اشْتَدَّتِ الشَّهْوَةُ، وَحَصَلَ الِانْتِشَارُ التَّامُّ الَّذِي لَيْسَ عَنْ تَكَلُّفٍ وَلَا فِكْرٍ فِي صُورَةٍ، وَلَا نَظَرٍ مُتَتَابِعٍ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَدْعِيَ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيَتَكَلَّفَهَا، وَيَحْمِلَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، وَلْيُبَادِرْ إِلَيْهِ إِذَا هَاجَتْ بِهِ كَثْرَةُ الْمَنِيِّ، وَاشْتَدَّ شَبَقُهُ، وَلْيَحْذَرْ جِمَاعَ الْعَجُوزِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَالَّتِي لَا شَهْوَةَ لَهَا، وَالْمَرِيضَةِ، وَالْقَبِيحَةِ الْمَنْظَرِ، وَالْبَغِيضَةِ، فَوَطْءُ هَؤُلَاءِ يُوهِنُ الْقُوَى، وَيُضْعِفُ الْجِمَاعَ بِالْخَاصِّيَّةِ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ مِنَ الْأَطِبَّاءِ: إِنَّ جِمَاعَ الثَّيِّبِ أَنْفَعُ مِنْ جِمَاعِ الْبِكْرِ وَأَحْفَظُ لِلصِّحَّةِ، وَهَذَا مِنَ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ، حَتَّى رُبَّمَا حَذَّرَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ عُقَلَاءُ النَّاسِ، وَلِمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الطَّبِيعَةُ وَالشَّرِيعَةُ.
وَفِي جِمَاعِ الْبِكْرِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ وَكَمَالِ التَّعَلُّقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُجَامِعِهَا، وَامْتِلَاءِ قَلْبِهَا مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَعَدَمِ تَقْسِيمِ هَوَاهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، مَا لَيْسَ لِلثَّيِّبِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لجابر: «هَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا»، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ كَمَالِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، أَنَّهُنَّ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ أَحَدٌ قَبْلَ مَنْ جُعِلْنَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَقَالَتْ عائشة لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِشَجَرَةٍ قَدْ أُرْتِعَ فِيهَا، وَشَجَرَةٍ لَمْ يُرْتَعْ فِيهَا، فَفِي أَيِّهِمَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «فِي الَّتِي لَمْ يُرْتَعْ فِيهَا» «١» . تُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ بِكْرًا غَيْرَهَا.
وَجِمَاعُ الْمَرْأَةِ الْمَحْبُوبَةِ فِي النَّفْسِ يَقِلُّ إِضْعَافُهُ لِلْبَدَنِ مَعَ كَثْرَةِ اسْتِفْرَاغِهِ لِلْمَنِيِّ، وَجِمَاعُ الْبَغِيضَةِ يُحِلُّ الْبَدَنَ، وَيُوهِنُ الْقُوَى مَعَ قِلَّةِ اسْتِفْرَاغِهِ. وَجِمَاعُ الْحَائِضِ حَرَامٌ طَبْعًا وَشَرْعًا، فَإِنَّهُ مُضِرٌّ جِدًّا، وَالْأَطِبَّاءُ قاطبة تحذر منه.
وَأَحْسَنُ أَشْكَالِ الْجِمَاعِ أَنْ يَعْلُوَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، مستفرشا لها بعد الملاعبة والبلة، وَبِهَذَا سُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا، كَمَا قَالَ ﷺ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» «٢»، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ قَوَّامِيَّةِ الرُّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ، كَمَا قَالَ تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ «٣»،
(١) أخرجه البخاري في نكاح الأبكار. (٢) أخرجه البخاري في الوصايا. (٣) النساء- ٣٤.
1 / 191