162

Perubatan Nabawi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Penerbit

دار الهلال

Nombor Edisi

-

Lokasi Penerbit

بيروت

الْغِذَاءِ بَعْدَ التَّحَلِّي مِنْهَا، فَإِنَّ الْقُولَنْجَ كَثِيرًا مَا يَحْدُثُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَمَنْ أَكَلَ مِنْهَا مَا يَنْبَغِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَنْبَغِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، كَانَتْ لَهُ دَوَاءً نَافِعًا. فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي هَيْئَةِ الْجُلُوسِ لِلْأَكْلِ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا آكُلُ مُتَّكِئًا «١»»، وَقَالَ: «إِنَّمَا أَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ، وَآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» «٢» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي «سُنَنِهِ» أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى وَجْهِهِ «٣» . وَقَدْ فُسِّرَ الِاتِّكَاءُ بِالتَّرَبُّعِ، وَفُسِّرَ بِالِاتِّكَاءِ عَلَى الشَّيْءِ، وَهُوَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، وَفُسِّرَ بِالِاتِّكَاءِ عَلَى الْجَنْبِ. وَالْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ مِنَ الِاتِّكَاءِ، فَنَوْعٌ مِنْهَا يَضُرُّ بِالْآكِلِ، وَهُوَ الِاتِّكَاءُ عَلَى الْجَنْبِ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مَجْرَى الطَّعَامِ الطَّبِيعِيِّ عَنْ هَيْئَتِهِ، وَيَعُوقُهُ عَنْ سُرْعَةِ نُفُوذِهِ إِلَى الْمَعِدَةِ، وَيَضْغَطُ الْمَعِدَةَ، فَلَا يُسْتَحْكَمُ فَتْحُهَا لِلْغِذَاءِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا تَمِيلُ وَلَا تَبْقَى مُنْتَصِبَةً، فَلَا يَصِلُ الْغِذَاءُ إِلَيْهَا بِسُهُولَةٍ. وَأَمَّا النَّوْعَانِ الْآخَرَانِ: فَمِنْ جُلُوسِ الْجَبَابِرَةِ الْمُنَافِي لِلْعُبُودِيَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ: «آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» وَكَانَ يَأْكُلُ وَهُوَ مُقْعٍ «٤»، وَيُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ لِلْأَكْلِ مُتَوَرِّكًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَيَضَعُ بَطْنَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى تَوَاضُعًا لِرَبِّهِ ﷿، وَأَدَبًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاحْتِرَامًا لِلطَّعَامِ وَلِلْمُؤَاكِلِ، فَهَذِهِ الْهَيْئَةُ أَنْفَعُ هَيْئَاتِ الْأَكْلِ وَأَفْضَلُهَا، لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تَكُونُ عَلَى وَضْعِهَا الطَّبِيعِيِّ الَّذِي خَلَقَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ مَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْهَيْئَةِ الْأَدَبِيَّةِ، وَأَجْوَدُ مَا اغْتَذَى الْإِنْسَانُ إِذَا كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ عَلَى وَضْعِهَا الطَّبِيعِيِّ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا إذا كان الإنسان منتصبا

(١) أخرجه البخاري في الأطعمة، والإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجة. (٢) أخرجه أبو الشيخ من حديث عائشة. (٣) أخرجه ابن ماجة في الأطعمة، وأبو داود. (٤) أخرجه مسلم.

1 / 164