2
يمكننا رسم النمط نفسه لاستخدام اللغة لجميع الأشخاص الثنائيي اللغة ليغطي مجالات مثل: الوالدين، والأطفال، والإخوة، والأقارب البعيدي الصلة، والعمل، والرياضة، والدين، والمدرسة، والتسوق، والأصدقاء، والتنزه، والهوايات، وغيرها، ونخرج منه بتوزيع للغاتهم. ستغطي بعض اللغات الكثير من المجالات، وستغطي لغات أخرى مجالات أقل، وستغطي بعضها مجالات بجانب لغة (أو لغات) أخرى. ومن النادر أن يستخدم ثنائيو اللغة كل لغاتهم في كل مجالات حياتهم (اللغة الإنجليزية والإسبانية في العمل، وفي المنزل، ومع أفراد الأسرة). فإذا كانت جميع اللغات تستخدم في كل المجالات، فعلى الأرجح لن يوجد سبب لأن يصبح المرء ثنائي اللغة؛ فستصبح لغة واحدة كافية بطبيعة الحال.
شكل 3-1: توضيح لمبدأ التكامل. المجالات التي تغطيها اللغات الإنجليزية (اللغة الأولى)، والإسبانية (اللغة الثانية)، والإيطالية (اللغة الثالثة)؛ ممثلة في صورة أشكال سداسية.
تجدر الإشارة إلى أنه في حالة الازدواجية اللغوية - وهي أحد أشكال الثنائية اللغوية المجتمعية؛ حيث تستخدم إحدى المجموعات لغتين أو شكلين من لغة واحدة - تستخدم كل لغة في مجال معين؛ ومن ثم فإن المبدأ المذكور سابقا لا ينطبق على الازدواجية اللغوية؛ إذ يوجد عدد قليل جدا، إن وجد، من المجالات التي يمكن أن تغطيها لغتان أو أكثر. (2) تأثير مبدأ التكامل
أول تأثير يوجد لهذا المبدأ يكون على الطلاقة اللغوية. بوجه عام، إذا كانت إحدى اللغات تستخدم في عدد قليل من المجالات ومع عدد محدود من الأفراد، إذا فإنها لن تتطور مثل لغة تستخدم في مجالات أكثر ومع عدد أكبر من الأفراد. يرجع هذا إلى أن حاجة الأشخاص الثنائيي اللغة للغاتهم واستخداماتها تكون عادة مختلفة بدرجة كبيرة، بحيث لا تكون اللغات لديهم متطورة بالقدر نفسه، ولا يكون مستوى طلاقتهم فيها واحدا. ينطبق هذا أيضا على مهارات لغوية معينة، مثل القراءة والكتابة؛ فلا يضطر كثير من الأشخاص الثنائيي اللغة للقراءة أو الكتابة بواحدة أو أكثر من لغاتهم، ومن ثم لا تنمو لديهم هذه المهارات. وحتى إن كانت لديهم مهارات القراءة والكتابة بكل لغة، فإن مستويات الإجادة ستكون على الأرجح مختلفة؛ لأن حاجتهم لهذه المهارات ليست واحدة في حياتهم اليومية.
إذا لم تستخدم إحدى اللغات للتعامل مع أحد المجالات، فلن يمتلك الثنائيو اللغة ببساطة المفردات اللغوية الخاصة بهذا المجال، ولا التنوع الأسلوبي، وأحيانا حتى لا توجد لديهم القواعد النظرية والعملية الضرورية لهذا المجال. دعني أقدم لك مثالا شخصيا: عندما عملت ضمن أعضاء هيئة التدريس في جامعة نورث إيسترن في بوسطن في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته، درست مادة مبادئ الإحصاء، من بين مناهج أخرى؛ ومن ثم عرفت «لغة الإحصاء»، لكني كنت أعرفها بالإنجليزية فقط. عندما عدت إلى أوروبا وعرضت تدريس مادة الإحصاء بالفرنسية، وجدت نفسي فجأة في مأزق؛ فلم تكن لدي ببساطة مفردات المادة بالفرنسية، ولم أكن أعرف كيف أعبر عن مفاهيم مثل «التوزيع المعياري» و«مخطط التشتت» و«اختبار الفرضية» وغيرها. كان هذا شعورا غريبا جدا؛ فأنا أجيد التحدث بالفرنسية، ومع ذلك لم أكن أعرف كيف أعبر عن تلك المفاهيم.
أعلم أن كثيرا من الأشخاص الثنائيي اللغة تعرضوا لتجربة الاضطرار فجأة إلى استخدام لغة لا يستخدمونها عادة في مجال معين. يحدث عندها أمر مثير للاهتمام، لكنه يكون محبطا في بعض الأحيان؛ فأنت تلجأ إلى تحسس طريقك في اللغة التي تكون جديدة في هذا المجال، وعندما لا تجد الكلمة أو التعبير المناسب، ينشأ لديك دافع إلى الاقتباس من اللغة أو اللغات الأخرى التي تعرفها، وهي طريقة تنجح أحيانا إذا كنت تتحدث مع آخرين من الأشخاص الثنائيي اللغة الذين يشتركون معك في اللغات التي تعرفها، لكنه لا يكون مناسبا عند الحديث مع أحاديي اللغة. لذا تستمر في المعاناة، وربما تلجأ في النهاية إلى إدخال بعض الكلمات من اللغة (أو اللغات) الأخرى على أية حال، مع ملاءمتها للسياق وشرحها، وأحيانا تحاول ببساطة تقصير الحوار. كتب أحد الأشخاص الثنائيي اللغة يقول:
عندما أضطر إلى أن أشرح بالفرنسية أي شيء عن أنشطتي المهنية أو خبرتي المدرسية السابقة في الولايات المتحدة، يصعب علي للغاية عدم استخدام كلمات إنجليزية؛ لأن هذه التجارب تنتمي إلى «خلفيتي الإنجليزية»؛ فقد تعلمت لغة الأعمال التجارية في الولايات المتحدة، ويصعب علي للغاية التعبير عن الأفكار نفسها بالفرنسية. لحسن الحظ يحدث هذا الأمر في أغلب الأوقات مع أصدقاء ثنائيي اللغة؛ ومن ثم لا يستاء أحد من التحول من لغة لأخرى، أو من الخلط بين اللغتين في الحوار نفسه.
3
أجرى ثلاثة من طلابي (كريستين جاسر، وروكسان جاكارد، وفانيسا سيفيدين) مقابلات مع أشخاص ثنائيي اللغة، البعض منهم في الإنجليزية والألمانية، والبعض الآخر في الفرنسية والإيطالية، بشأن المجالات التي ترتبط بلغات معينة (مثل العمل والأسرة والتسويق والهوايات).
Halaman tidak diketahui