لا يتبادر إلى ذهني أي حدث مميز عن كوني طفلة ثنائية اللغة، فيما عدا أنني كنت أمارس الترجمة الشفوية وأنا في سن الرابعة. كان هذا الفرق الأساسي بيني وبين الأطفال الآخرين؛ فكان يجب علي العودة إلى المنزل لكي أقوم بالترجمة الشفوية في عيادة الطبيب لجدتي أو للشخص الموجود في هذا اليوم. وإحدى المشكلات التي كنت أواجهها كثيرا إجراء المكالمات الخارجية؛ ففي هذه الفترة لم تكن توجد خدمة الاتصال المباشر، وكانت توجد مشكلة دوما في جعل موظف الهاتف يصدق طفلة يتراوح عمرها بين الرابعة والسادسة تحاول الاتصال من بوسطن بولاية فرجينيا؛ فكان موظف الهاتف يريد في كل مرة التحدث إلى شخص كبير من أسرتي، كما كان كل الذين يتصلون بالمنزل ويطلبون التحدث إلى أحد أفراد الأسرة على وجه الخصوص، لا يعرفون مطلقا كيف يتعاملون مع موقف اضطرارهم إلى مناقشة إحدى مسائل الكبار مع طفلة في التاسعة من عمرها.
12
على الرغم من أن الترجمة الشفوية تكون لبعض الأطفال بمنزلة لعبة، فمن الممكن أن تصبح أيضا عملا شاقا وعبئا، ولا بد أن ينتبه الكبار ألا يطلبوا من أطفالهم في هذا الشأن ما يفوق قدرتهم. يخبرنا هاريس وشيروود عن إتش بي، وهو طفل ثنائي اللغة في الفرنسية والبلغارية في السابعة من عمره، ذهب إلى زيارة أسرة بلغارية وصلت لتوها إلى كندا؛ تركه والداه مع طفل هذه العائلة ليشاهد التليفزيون بالفرنسية، وعندما عادت والدته لتأخذه، أخبرها أنه يشعر بالتعب لأنه ترجم البرنامج إلى البلغارية لصديقه. واكتشف بول بريستون في مقابلاته التي أجراها مع أطفال بالغين والداهم من الصم، تكرار حقيقة أنه تجب عليهم دوما الترجمة الشفوية لوالديهم. وتوجد لدى بعض منهم ذكريات سلبية عن هذا، مثل ثيلما التي تقول:
كنت أكره حضور أصدقاء والدتي إلى منزلنا، فكانوا يريدون أن أكون مترجمتهم الشفوية عند ذهابهم إلى البنك، وعند الاهتمام بعملهم التجاري، فقد كنت الوسيط اللغوي بينهم وبين المجتمع. وكانوا يضعونني في مواقف لم أعلم أن باستطاعتي رفضها.
13
توصل بعض الأطفال الآخرين إلى عدة سبل تجعلهم أكثر تحكما إلى حد ما فيما يتعلق بجانب الترجمة الشفوية في حياتهم. يخبرنا بريستون أن الترجمة الشفوية للمكالمات الهاتفية كانت توفر أكبر مساحة من التلاعب بالحوارات؛ إذ إنها كانت تضع الحوار تحت تصرف الطفل الذي يستمع إليه؛ على سبيل المثال: طلب والد جورج منه الاتصال بكل أماكن إصلاح السيارات المذكورة في دليل الهاتف التجاري حتى يقارن بين أسعارها، وهذا ما فعله:
حاولت أن أخبره بأن عددهم كبير للغاية، لكنه أصر؛ لذا جلست أمامه أتظاهر بالحديث إلى شخص ما، بينما لم أكن طلبت الرقم من الأساس.
14
يدرك بالفعل كثير من الآباء هذا العبء الذي يضعونه على كاهل أطفالهم الثنائيي اللغة؛ فيخبرنا بريستون عن توم، الذي غضب ذات يوم من والدته عندما طلبت منه أن يترجم لها شفويا، فردت عليه بلغة الإشارة تقول:
أنا أعلم أن هذا صعب عليك، وهذا صعب علي أيضا؛ فهو صعب علينا نحن الاثنين. فأنا لست مثل الأشخاص الذين يسمعون، فحياتهم أسهل بكثير.
Halaman tidak diketahui