وتدخل صلاح الفولي في الحديث سائلا خيري: قل لي يا خيري، هل محسن ابن عمك مباشرة؟ - تقريبا. - لا أفهم، ما معنى تقريبا؟
فقطع نجيب الحديث قائلا: هل تمت شجرة عائلة خيري عندك ولم يعد ينقصها إلا صلة خيري بمحسن؟!
واغتاظ صلاح فقال في حدة: يا أخي ما شأنك أنت، هل سألك أحد؟
وقبل أن يجيب نجيب دق الجرس، وما هي إلا بضع دقائق حتى انفرج باب المدرسة عن أفواج التلاميذ، وقد تباينت جسومهم وأعمارهم تباينا شديدا؛ فهذا طويل فارع الطول، وهذا نحيل ضئيل لا يكاد يبين في الحشد الذي يجاهد للخروج من الباب، وآخر سمين مفرط السمن. وبينهم من يتعهد شاربه في اعتزاز، وبينهم من يتعهد طربوشه في تأنق، ومنهم من لا يعتز بشيء أو يهتم بشيء إلا أن يخرج من المدرسة وينفتل إلى بيته، أو إلى الرفاق الذين ينتظرونه عند بيته. وبين التلاميذ من ينتظره خادمه، وبينهم من ينتظره ذووه، ومنهم من لا ينتظره أحد، ولا فارق ثمة عندهم بين هذا وذاك، فكلهم في هذا الرحاب سواء.
وتكسر فيهم غرور الثراء
وزهو الولادة والمنصب
بيوت منزهة كالعتيق
وإن لم تستر ولم تحجب
ويظهر يسري وعينه إلى المكان الذي تعود أخوه أن ينتظره فيه. فيقصد إليه في غير ترحيب ولا ضيق، غير ملتفت إلى هذه الابتسامة التي أشرقت على وجه خيري حين رآه. فما كان يفهم لها معنى، إلا أنه كان فرحا على أية حال أن خرج من المدرسة ليستقبل البقية الباقية من يومه في لعب ومرح.
وطلب خيري إلى أخيه أن يسير مع نجيب حتى البيت، وطلب إليه أيضا أن يكلمه في التليفون عند عمه عزت بك ليطمئنه على وصوله، فوعده يسري بالطاعة. وانصرف هو ونجيب وبقية الرفاق وعين خيري تصاحبهم حتى حاد بهم الطريق، فانصرف هو إلى بيت صديقه وقريبه محسن.
Halaman tidak diketahui