114

ومن البديهي المعلوم أن الصحابة تفرقوا بعد النبي واختلفوا وأوقدوا نار الفتنة حتى وصل بهم الامر إلى القتال والحروب الدامية التي سببت انتكاس المسلمين وتخلفهم وأطمعت فيهم أعداءهم ، والآية المذكورة لا يمكن تأويلها وصرفها عن مفهومها المتبادر للاذهان .

( 1 ) سورة المائدة : آية 54 .

( 2 ) سورة آل عمران : آية 104 ، 105 ، 106 .

( 117 )

4 - آية الخشوع

قال تعالى : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )(1) صدق الله العلي العظيم .

وفي الدر المنثور جلال الدين السيوطي قال : لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة ، فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعد ما كان بهم من الجهد ، فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا فنزلت : ( ألم يأن للذين آمنوا ) وفي رواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وآله أن الله سبحانه استبطأ قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن فأنزل الله ( ألم يأن للذين آمنوا ) .

وإذا كان هؤلاء الصحابة وهم خيرة الناس على ما يقوله أهل السنة والجماعة ، لم تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق طيلة سبعة عشر عاما حتى استبطأهم الله وعاتبهم وحذرهم من قسوة القلوب التي تجرهم إلى الفسوق ، فلا لوم على المتأخرين من سراة قريش الذين أسلموا في السنة الثامنة للهجرة بعد فتح مكة .

فهذه بعض الامثلة التي استعرضتها من كتاب الله العزيز كافية للدلالة على أن الصحابة ليسوا كلهم عدولا كما يقوله أهل السنة والجماعة .

Halaman 115