قد من دبر وَالثَّالِث قَمِيصه الذى ألْقى على وَجه أَبِيه فَارْتَد بَصيرًا وَلكُل من هَذِه الأقمصة مَوضِع من ضرب الْمثل وإجراء النادرة
فيروى أَن إخْوَة يُوسُف لما قَالُوا لأبيهم ﴿إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِق وَتَركنَا يُوسُف عِنْد متاعنا فَأَكله الذِّئْب﴾ قَالَ لَهُم أرونى قَمِيصه فأروه إِيَّاه مضرجا بِالدَّمِ غير ممزق فَقَالَ تالله مَا رَأَيْت ذئبا أحلم من هَذَا وأرفق أكل ابنى وَلم يمزق قَمِيصه
وأنشدنى أَبُو عبيد الله المرزبانى فِي كِتَابه كتاب المستنير لأبى الشيص
(وقائلة وَقد بصرت بدمع ... على الْخَدين منهمر سكوب)
(أتكذب فِي الْبكاء وَأَنت خلو ... قَدِيما مَا جسرت على الذُّنُوب)
(جفونك والدموع تجول فِيهَا ... وقلبك لَيْسَ بِالْقَلْبِ الكئيب)
(نَظِير قَمِيص يُوسُف يَوْم جَاءُوا ... على لباته بِدَم كذوب)
(فَقلت لَهَا فدَاك أَبى وأمى ... رجمت لسوء ظَنك بالغيوب)
وَأما الْقَمِيص الثانى فلأبى الْحَارِث جميز فِيهِ نادرة طريفة وهى أَنه رئى فِي ثِيَاب متخرقة فَقيل لَهُ أَلا يكسوك مُحَمَّد بن يحيى فَقَالَ لَو كَانَ لَهُ بَيت مَمْلُوء إبرا وجاءه يَعْقُوب وَمَعَهُ الْأَنْبِيَاء شُفَعَاء وَالْمَلَائِكَة ضمنا يطْلب مِنْهُ إبرة ليخيط بهَا قَمِيص يُوسُف الذى قدمن دبر مَا أَعَارَهُ إِيَّاهَا فَكيف يكسونى
ونظم هَذَا الْمَعْنى من قَالَ
(لَو أَن دَارك أنبتت لَك واحتشت ... إبرا يضيق بهَا فنَاء الْمنزل)
(وأتاك يُوسُف يستعيرك إبرة ... ليخيط قد قَمِيصه لم تفعل)
1 / 47