بلاشير (١)
".. ان الفضل بعد الله يعود إلى الخليفة عثمان بن عفان (رضى الله عنه) لإسهامه قبل سنة ٦٥٥هـ في ابعاد المخاطر الناشئة عن وجود نسخ عديدة من القرآن، واليه وحده يدين المسلمون بفضل تثبيت نص كتابهم المنزل، على مدى الاجيال القادمة". (٢)
"لاجرم في انه إذا كان ثمة شئ تعجز الترجمة عن ادائه فانما هو الاعجاز البيانى واللفظي والجرس الايقاعي في الايات المنزلة في ذلك العهد.. ان خصوم محمد ﵊ قد اخطأوا عندما لم يشاءوا ان يروا في هذا إلاّ اغاني سحرية وتعويذية، وبالرغم من اننا على علم - استقرائيًا فقط - بتنبؤات الكهان، فمن الجائز لنا الاعتقاد مع ذلك بخطل هذا الحكم وتهافته، فان للايات التى اعاد الرسول ﵊ ذكرها في هذه السور اندفاعًا وألَقًا وجلالةً تخلّف وراءها بعيدًا اقوال فصحاء البشر كما يمكن استحضارها من خلال النصوص الموضوعة التي وصلتنا". (٣)
".. ان القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، انه ايضًا ويمكنه ان يكون قبل اى شئ آخر تحفة ادبية رائعة تسمو على جميع ما اقرّته الانسانية وبجّلته من التحف.. ان الخليفة المقبل عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) المعارض الفظ في البداية للدين الجديد، قد غدا من اشد المتحمسين لنصرة الدين عقب سماعه لمقطع من القرآن. وسنورد الحديث فيما بعد عن مقدار الافتتان الشفهي بالنص القرآني بعد ان رتّله المؤمنون" (٤) ".. الاعجاز هو المعجزة المصدقة لدعوة محمد ﷺ الذي لم يرتفع في احاديثه الدنيوية إلى مستوى الجلال القرآني.." (٥) ".. في جميع المجالات التى اطللنا عليها من علم قواعد اللغة والمعجمية وعلم البيان، اثارت الواقعة القرآنية وغذت نشاطات علمية هي اقرب إلى حالة حضارية منها إلى المتطلبات التى فرضها إخراج الشريعة الاسلامية. وهناك مجالات اخرى تدخل فيها (الواقعة القرآنية) كعامل اساسى.. ولا تكون فاعليتها هنا فاعلية عنصر منبه فقط، بل فاعلية عنصر مبدع تتوطد قوته بنوعيته الذاتية.." (٦)