129

The Varieties of Categorization Related to the Interpretation of the Holy Quran

أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم

Penerbit

دار ابن الجوزي

Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٣٤ هـ

Genre-genre

٣ - أن يكون لكلِّ قراءةٍ معنى مستقلٌّ، وهذا الأمرُ لا يخلو من حالين:
الأول: أن يكونَ الاختلافُ في القراءة راجعًا إلى ذاتٍ واحدةٍ، فيكونُ حُكْمًا لهذه الذات بمعاني هذه القراءات، ومن ذلك القراءات الواردةُ في قوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ [التكوير: ٢٤]، فقد قُرئت بالضَّادِ، والمعنى: ما هو ببخيلٍ عليكم بالوحي الذي آتاه الله، فهو يُعلِّمكم ويرشدكم به.
وقرئت بالظاء «ظنين»، والمعنى: ما هو بمتَّهمٍ في بلاغِه عن الله، فهو يبلغكم وحيه، لا يزيد فيه ولا ينقص (١).
ومن ثَمَّ، فإن الرسول ﷺ غير بخيلٍ بهذا الوحي، ولا متَّهم في أمانته به، فهو يؤديه كما سمعه.
الثاني: أنْ يكونَ الاختلافُ في القراءاتِ راجعًا إلى أكثرَ من ذاتٍ، فيكون لكلِّ ذاتٍ الحكمُ الخاصُّ بها من معنى قراءتِها، ومن ذلك ما وردَ في قوله تعالى: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾ [البروج: ١٥]، فقد قُرِئَ لفظُ «المجيدِ» بالرفعِ والجرِّ.
فمن قرأ بالرَّفعِ، جعلَ المجيدَ من صفةِ «ذو»، والمعنى: ذو العرشِ - وهو الله - مجيدٌ.
ومن قرأه بالجرِّ، جعله من صفةِ العرشِ، فالعرشُ هو المجيدُ.
تنبيه حول تفسير السلف وعلاقته بالقراءات:
مما يرد في تفسير السَّلفِ من الاختلافِ ما يمكنُ أن يكونَ سببه

(١) ينظر: المصادر السابقة عند الآية من سورة التكوير، وينظر من الأمثلة في ذلك: القراءات في لفظِ «حَمِئةٍ» من سورة الكهف، وغيرها.

1 / 131