التوحيد أو تحقيق كلمة الإخلاص

Ibn Rajab al-Hanbali d. 795 AH
17

التوحيد أو تحقيق كلمة الإخلاص

التوحيد أو تحقيق كلمة الإخلاص

Penyiasat

أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني

Penerbit

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Genre-genre

طاعة الشيطان تقدح في توحيد الرحمن ويدل عليه أيضًا أن الله -تعالى- سمَّى طاعة الشيطان في معصية عبادةً للشيطان، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ [يس: ٦٠]. وقال حاكيًا عن خليله إبراهيم أنَّه قال لأبيه: ﴿يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا﴾ [مريم: ٤٤]. فمن لم يحقق عبودية الرحمن وطاعته فإنَّه يعبد الشيطان بطاعته له، ولم يخلص من عبادة الشيطان إلا من أخلص عبودية الرحمن، وهم الذين قال فيهم: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢]. فهم الذين (حققوا) (*) قول: "لا إله إلا الله" وأخلصوا في قولها، وصدقوا قولهم بفعلهم، فلم يلتفتوا إِلَى غير الله، محبةً ورجاءً وخشية وطاعة وتوكلا، وهم الذين صدقوا في قول: "لا إله إلا الله" وهم عباد الله حقًّا. فأما من قال: "لا إله إلا الله" بلسانه ثم أطاع الشيطان، وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعلُهُ قولَهُ، ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠] ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦]. فيا هذا كن عبد الله لا عبد الهوى، فإن الهوى يهوي بصاحبه في النار: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: ٣٩] "تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ" والله ما ينجو غدًا من عذاب الله إلا من حقق عبودية الله

(*) حفظوا: "نسخة".

3 / 58