241

The Tatars from the Beginning to Ain Jalut

التتار من البداية إلى عين جالوت

Genre-genre

الإحباط
المرض الثامن: الإحباط، فالأمة المحبطة من المستحيل أن تنتصر، والقنوط ليس أبدًا من صفات المؤمنين، قال الله ﷿: ﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ [الحجر:٥٦]، فقد عمل التتار كما عمل الأمريكان وأتباعهم على خفض الروح المعنوية للشعوب المسلمة إلى أدنى درجة ممكنة، وعظموا كل ما هو تتاري أو أمريكي، وخفضوا كل ما هو مسلم، ووسعوا الفجوة جدًا بين إمكانيات العدو وإمكانيات الأمة، وصوروا لهم أنه لا سبيل لهم للنجاة إلا بالخنوع والخضوع والتسليم.
والعودة إلى الله ﷿ ليس من الضروري أن تأخذ وقتًا طويلًا، بل يعود المسلم إذا أراد العودة إلى ربه في لحظة، ويجد أن الله ﷿ في خير استقبال له، وأنه يفرح بتوبته وبعودته، فيمكِّنه ويعطيه السيادة في الأرض، ويحوطه برعايته، فهو يتودد إلى ربه وربه يتودد إليه.
ونحن الذين نحتاج إلى ربنا ﷾ سواء في الدنيا أو في الآخرة، وقد رأينا أن مصيبة التتار على عظمها وعلى كونها أعظم آلاف المرات من المصائب التي نمر بها الآن، قد أتبعت بنصر مجيد على يد قطز ﵀، وكان من أهم الأسباب للنصر أنه ﵀ رفع الروح المعنوية لجيشه ولشعبه، وعلمهم أن التتار خلق من خلق الله لا يعجزونه أبدًا، وأن المسلمين إذا ارتبطوا بالله ﷿ فلا سبيل لأحد عليهم مهما كان، لا تتار ولا يهود ولا أمريكان، وعلمهم ﵀ أن الدولة الأخيرة لا بد أن تكون للمسلمين، وليعلم المسلمون في كل زمان أن النصر لا يأتي إلا بعد أشد لحظات المجاهدة، وأنه إذا أوصدت كل الأبواب وأظلمت الدنيا، وشعر المسلمون أن الأزمة قد بلغت الذروة التي لا ذروة بعدها، فكل هذه علامات واضحة وبينة على أن النصر قد أصبح قريبًا جدًا، واستمعوا إلى قول الله ﷿ في سورة البقرة حيث يقول: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة:٢١٤]، أي: إذا وصل الأمر إلى الذروة وقالوا: متى نصر الله؟ ثم عقب بقوله: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة:٢١٤]، أي: عند وصول المأساة إلى الذروة يأتي نصر الله ﷿، فهذه من سنن رب العالمين ﷾ في كونه وفي خلقه.

12 / 11