165

The Tatars from the Beginning to Ain Jalut

التتار من البداية إلى عين جالوت

Genre-genre

انعقاد المجلس الاستشاري المصري والحلول المطروحة على تهديد هولاكو عقد قطز ﵀ مجلسًا استشاريًا أعلى، جمع فيه كبار القادة والأمراء والوزراء والعلماء، وبدءوا في مناقشة القضية الخطيرة التي طرحت أمامهم، وكانت الخيارات محدودة جدًا، إما الحرب بكل تبعاتها، وإما التسليم غير المشروط، وقطز ﵀ كانت القضية واضحة في ذهنه تمام الوضوح، فهو لم يطرح الخيارين على نفسه للتفكير، خيار السلام أو الاستسلام، فهذا الموقف غير وارد أبدًا عنده، فهو يعلم تمام العلم أن الحقوق لا توهب بل تؤخذ، وأن الجيوش المعتدية لا تقنع بالعودة إلى بلادها أبدًا، بل ترغم على ذلك. لكن الأمراء الذين اجتمعوا معه لم يكونوا على نفس الدرجة العالية جدًا من الفقه والفهم، صحيح أنهم كانت لديهم حمية دينية عالية جدًا، وأنهم يحبون الإسلام حبًا جمًا، وعلى درجة راقية من الفروسية والمهارة القتالية، ولكن الاختبار صعب جدًا. وقد كانت الفجوة هائلة فعلًا بين إمكانيات التتار كدولة من كوريا شرقًا إلى بولندا غربًا، وبين إمكانيات مصر التي مهما زادت فهي محدودة، وبين أعداد التتار وأسلحتهم، وأعداد المصريين وأسلحتهم، هذا فوق السمعة الرهيبة لجيوش التتار، وفوق الملايين المسلمة التي ذبحت على أيدي التتار، بالإضافة إلى الجيوش الخوارزمية والأرمينية والكرجية والعباسية والأوروبية والشامية التي هزمت هزيمة ساحقة من جيوش التتار قبل ذلك. وكان قد شاع في هذا الزمن مقولة ذكرناها قبل ذلك قالها العوام وقالها الخواص كذلك، فقد كانوا يقولون: إذا أخبرك أحد أن التتار يهزمون فلا تصدق. كل هذه التراكمات جعلت الأمراء يترددون في قبول ما رآه قطز ﵀ أمرًا واضحًا جدًا لا تردد فيه، وظهر على معظم الأمراء الهلع والضعف والتثاقل إلى الأرض.

9 / 3