مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

Muhammad Abdul Rashid Al-Numani d. 1420 AH
131

مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

Penerbit

مكتب المطبوعات الإسلامية

Nombor Edisi

الرابعة

Tahun Penerbitan

١٤١٦ م

Lokasi Penerbit

حلب

Genre-genre

وَمِنْهُ عَلَى جِهَةِ التَّأْوِيلِ مِمَّا لاَ يَلْزَمُ المَقُولُ فِيهِ مَا قَالَهُ القَائِلُ فِيهِ، وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالسَّيْفِ تَأْوِيلًا وَاجْتِهَادًا لاَ يَلْزَمُ تَقْلِيدُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ دُونَ بُرْهَانٍ وَحُجَّةٍ تُوجِبُهُ، وَنَحْنُ نُورِدُ فِي هَذَا البَابِ مِنْ قَوْلِ الأَئِمَّةِ الجِلَّةِ الثِّقَاتِ السَّادَّةِ، بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ مِمَّا لاَ يَجِبُ أَنْ يُلْتَفَتَ فِيهِمْ إِلَيْهِ وَلاَ يُعْرَجُ عَلَيْهِ، وَمَا يُوَضِّحُ صِحَّةَ مَا ذَكَرْنَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ» .... ثم سرد ابن عبد البر من قول بعضهم في بعض ممن لا يلتفت إليهم أمثلة كثيرة، ثم قال: «وَقَدْ كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَجِلَّةِ العُلَمَاءِ عِنْدَ الغَضَبِ كَلاَمٌ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، وَلَكِنَّ أَهْلَ العِلْمِ وَالفَهْمِ وَالفِقْهِ لاَ [يَتَلَفَّتُونَ] إِلَى ذَلِكَ لأَنَّهُمْ بَشَرٌ يَغْضَبُونَ وَيَرْضَوْنَ، وَالقَوْلُ فِي الرِّضَا غَيْرُ القَوْلِ فِي الغَضَبِ. ولقد أحسن القائل: «لاَ يُعْرَفُ الحِلْمُ إِلاَّ سَاعَةَ الغَضَبِ». وَمَا مَثَلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَنُظَرَائِهِمَا مِنَ الأَئِمَّةِ إِلاَّ كَمَا قَالَ الأَعْشَى: كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُوهِنَهَا ... فَلَمْ يَضِرْهَا وَأْوَهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

العَالِمُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي العِلْمِ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ غَنِيمَةٍ، وَإِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ ذَاكَرَهُ، وَإِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ دُونَهُ لَمْ يَزْهُ عَلَيْهِ، حَتَّى كَانَ هَذَا الزَّمَانُ فَصَارَ الرَّجُلُ يَعِيبُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ ابْتِغَاءَ أَنْ يَنْقَطِعَ مِنْهُ حَتَّى يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ وَلاَ يُذَاكِرُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ [وَيُزْهَى] عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَهَلَكَ النَّاسُ». أسند كل ذلك ابن عبد البر - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في أول (باب حكم قول العلماء بعضهم على بعض).

1 / 134