"إنَّ هذه الصلاةَ لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناسِ، إنما هو التسبيحُ والتكبيرُ وقراءةُ القرآن" (١٢).
ولا خلافَ بين أهل العلم أن مَن تكلَّمَ في صَلاته عامدًا لغير مصلحةِ الصلاةِ فصلاتُه باطلةٌ، ولا يرَون بما تُحَدِّثُ الإِنسانَ به نفسُه ممّا لا تعلُّقَ له بالصلاة من أمور الدنيا وغيرِها مُبطلًا للصلاةِ، لأنَّه بالاتفاق ليسَ بكلامٍ، ذكر نحوَ هذا شيخُ الإِسلام.
ونظائر هذا في الكتاب والسنَّة كثيرةٌ جدًا، وهي دلائلُ قاطعةٌ بأنَّ مطلقَ لفظ "الكلام" شاملٌ للألفاظ والمعاني جميعًا، خِلافًا لأهل البدع الذين أرادوا نُصْرَةَ أهوائِهم بإبطال الدلائل الصَّحيحةِ الصَّريحةِ من المعقولِ والمنقولِ.
وقد ذكرنا أن "الكلامَ" و"القولَ" قد يراد بهما المعنى فقط، أو اللَّفظُ فقط، لكن بقرينةٍ تُبيِّنُ ذلك، لا عندَ الإطلاقِ والتجرُّدِ من القرائن.
قال شيخُ الإِسلام: "الكلامُ إذا أطْلِقَ بتناوَلُ اللفظَ والمعنى جميعًا، وإذا سُمّيَ المعنى وحدَه كلامًا، أو اللَّفظُ وحدَه كلامًا، فإنَّما ذاك مع قيد يدلّ على ذلك" (١٣).
قلتُ: وذلك كقول عنترةَ: