ولقد كانتْ هذِهِ الأمَّةُ مرحومةً في أوَّلِ عَهدِها، جَمَعَها الله على الهُدى، وألَّفَ بين قُلوبِ أفرادِها، وحَماها من الهَوى، حيثُ استقامَت على طاعةِ الله ورسولِهِ ﷺ، أولئكَ أصحابُ النَّبِيِّ ﷺ، لمْ يكونوا يَعْرِفُونَ غيرَ اتِّباعهِ وتَوْقيرهِ واتِّباع النُّور الَّذي أنْزلَ معَهُ، مُستسلمينَ لِما جاءَ به من الحقّ، لم يكنْ لهم قوْلٌ معَ قولِهِ، ولا اعتراضٌ على حكْمهِ.
وصَدَق عبد الله بن مسعود ﵁ حين قالَ: "إنَّ الله نَظَرَ في قلوبِ العِبادِ، فوجَدَ قلبَ محمّدٍ ﷺ خيرَ قلوبِ العبادِ، فاصْطَفاه لِنَفْسِهِ، فابتعثَهُ برسالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ في قُلوبِ العبادِ بَعد قَلْبِ محمّدٍ، فوَجَدَ قلوبَ أصحابِهِ خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعَلهمَ وُزراءَ نبيِّهِ، يقاتِلَونَ على دينِهِ، فما رَأى